تقسيم العوارض إلى ذاتية وغريبة - البحث عن العوارض 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 8223


وقد اتّفقوا على أنّ ما كان عروضه على الشيء بلا وساطة أو بوساطة أمر داخلي أخصّ ـ كالفصل ـ من العرض الذاتي ، كما أنّهم تسالموا على أنّ ما كان

ــ[25]ــ

عروضه بوساطة الأمر الخارجي ـ بأقسامه ـ من العرض الغريب . وقد اختلف في العوارض بوساطة أمر داخلي أعم من حيث إنّه ذاتي أم غريب .

ومن هنا استشكل القوم في كيفية الجمع والتوفيق بين تعريفهم للموضوع ـ  وهو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ـ وتسالمهم بأنّ العارض بوساطة الخارج من الغريب ، حيث وجدوا محمولات المسائل في أغلب العلوم من هذا القبيل ، وهو العارض بوساطة الخارج الأخص .

مثلا محمولات مسائل علم الفقه الوجوب والحرمة وباقي الأحكام ، وهي تعرض على أفعال المكلّفين بوساطة الصلاة والصوم والزكاة وغيرها من الأفعال التي هي أخصّ من موضوع علم الفقه ، وهو فعل المكلّف .

وكذا علم النحو ، فإنّ محمولات مسائله الرفع والنصب وغيرهما ، وهما يعرضان على الكلمة بوساطة الفاعل والمفعول اللذين هما أخصّ من موضوع علم النحو ، وهو الكلمة والكلام ، وكلّ هذا من العارض بوساطة الخارج الأخص .

وقد يتّفق أنّ موضوع المسألة يكون أعم من موضوع العلم ، فيكون العارض حينئذ عارضاً على الشيء بواسطة هي أعمّ ، كما في علم الاُصول ، فإنّ موضوعه ـ  حسبما قيل ـ الأدلّة الأربعة ، مع أنّ البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي لا يختصّ بالخطاب الشرعي ، بل يشمل غيره حتّى لو كانا غير شرعيين . وكذا البحث عن ظهور الأمر في الوجوب . وهذا الإشكال جار منذ عهد قديم ، حتّى أنّ صدر المتألّهين قد تعرّض له في أسفاره وأجاب عنه بما يختص بالفلسفة(1).

وغير خفي أنّ أساس الإشكال المزبور أمران :

أحدهما : الالتزام بأنّ البحث في العلوم لابدّ وأن يكون عن الأعراض

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأسفار الأربعة 1 : 33 .

ــ[26]ــ

الذاتية لموضوع العلم .

وثانيهما : الالتزام بأنّ العارض على الشيء بوساطة الخارج الأخص أو الداخل الأعم من الأعراض الغريبة .

ويمكننا منع كلا الأمرين على سبيل منع الخلو ، وذلك بأن يقال : إنّ كل مسألة إن ترتّب عليها الغرض الداعي إلى تدوين العلم فهي من مسائله ، سواء كان محمول هذه المسألة من العوارض الذاتية لموضوع العلم أم لم يكن ، مثلا كل مسألة ترتّب على نتيجتها تعيين الوظيفة الفعلية في مرحلة العمل فهي مسألة اُصولية ، وإن كان محمول تلك المسألة من العوارض الغريبة لموضوع العلم ، وبالعكس لو فقدت المسألة ترتّب الغرض المذكور على نتيجتها كانت خارجة عن المسائل الاُصولية وإن كان محمول المسألة من العوارض الذاتية ، فإنّ الاختصاص في البحث عن الذاتي فقط لم ينصّ عليه دليل بالخصوص .

ولو سلّمنا لزوم أن يكون البحث عن العرض الذاتي ، لأمكن دعوى أنّ العارض بواسطة الخارج الأخص أو الداخل الأعم من العوارض الذاتية، إذن يرتفع الإشكال من دون حاجة إلى التكلّف في جوابه .

ثمّ إنّ المراد بالعارض هنا كل أمر لاحق للموضوع ، سواء كان من الاُمور الاعتبارية الجعلية كما في الأحكام الشرعية ، أم كان من الاُمور الواقعية من الجواهر والأعراض أو غيرها ، كالوجود والوجوب والاستحالة والإمكان . فالمراد بالعارض هنا ما يقابل الذاتي في باب الكلّيات ، وإن كان من الذاتي في باب البرهان  . نعم لا يبحثون في العلوم عن ذاتيات الموضوع ومقوّماته.

وكيف كان ، فما جاء به المحقّق النائيني (قدّس سرّه)(1) وأتعب نفسه في دفع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 8 .

ــ[27]ــ

الإشكال بالأخذ بالحيثيات ، وأنّها حيثيات تقييدية ، لا حاجة له، بل الجواب ما ذكرناه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net