المعنى الحرفي \ الأول : اتّحاد المعنى الاسمي والحرفي 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 7600


المعنى الحرفي

ويقع البحث عنه في جهتين :

الاُولى : في شرح معاني الحروف ، وما تمتاز به عن الأسماء .

الثانية : في تحقيق أنّ وضعها من أي أقسام الوضع .

أمّا الجهة الاُولى : فقد اختلفت الأقوال فيها :

القول الأول : ما ذهب إليه المحقّق الرضي (قدّس سرّه)(1) وتبعه عليه صاحب الكفاية(2) من عدم الفرق بين المعنى الحرفي والاسمي سوى مقام اللحاظ ، وأنّ معنى كل منهما متّحد مع الآخر ، إلاّ أنّ العلقة الوضعية القائمة بين اللفظ والمعنى إنّما تكون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح الرضي على الكافية 1 : 37 .

(2) كفاية الاُصول : 11 ـ 12 .

ــ[50]ــ

موجودة إذا لوحظ المعنى عند الاستعمال في أحدهما على نحو الاستقلال وفي الآخر على نحو الآلية .

وتوضيح ذلك : أنّ الواضع ـ عندما تصوّر اللفظ والمعنى ـ لم يلحظ في أحدهما قيداً من القيود ، بل تصوّر كلا منهما مستقلا منظوراً بنفسه ، إلاّ أنّه شرط على المستعملين حين استعمالهم للألفاظ في تلك المعاني أن يكون اللحاظ آلياً في الحروف ، واستقلالياً في الأسماء . وشرط الواضع في العلقة الوضعية في مقام اللحاظ لا يوجب صيرورته قيداً في أصل المعنى أو اللفظ ، ليكون تخصيصاً لأحد المعنيين دون الآخر فيحصل الاختلاف بينهما .

ولهذا أفاد (قدّس سرّه)(1) في بحث المشتق أنّ استعمال كل منهما في موضع الآخر استعمال في ذات ما وضع له ، إلاّ أنّه استعمال بغير العلقة الوضعية .

وعلى كل حال ، فالمستعمل كما كان حين الاستعمال محتاجاً إلى لحاظ كل من اللفظ والمعنى ، كان الواضع مشترطاً عليه لحاظ المعنى آلياً إن أراد استعمال كلمة (في) في الظرفية ، ولحاظه استقلالياً إن أراد استعمال كلمة (الظرفية) فيها . فالعلقة الوضعية في أحدهما تغايرها في الآخر.

ويرد عليه أولا : أنّ شرط الواضع في المقام على المستعملين ليس كسائر الشروط التي يجب الوفاء بها ، فإنّه لو كان معنى الاسم والحرف واحداً والاختلاف في العلقة الوضعية للزم صحة استعمال أحدهما في الآخر ، بل هو أولى من المجاز ، لأنّ المجاز عبارة عن استعمال اللفظ في غير ما وضع له مع العلاقة المصحّحة ، وما نحن فيه ليس استعمالا في خلاف ما وضع له ، بل بعين ما وضع له كما هو المدّعى ، غايته أنّه لا يكون بالعلقة الوضعية . ولكن بالوجدان نرى أنّه لو صدر 

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كفاية الاُصول : 42 .

ــ[51]ــ

ذلك من أحد ، بأن استعمل أحدهما في الآخر ، لكان غلطاً فاحشاً ، كأن يعبّر عن قوله مثلا : زيد في الدار . بقوله : زيد الظرفية التعريف دار . وهذا يكشف عن وجود مغايرة بين المعنيين لا يصحّ معه استعمال أحدهما في الآخر .

وثانياً : أنّه لو كان معنى كل منهما عين الآخر ، وكان الاختلاف بينهما في ناحية اللحاظ ، فاللازم من هذا أن تكون بعض المعاني الاسمية ـ المنظور بها للغير والملحوظ آلة لشيء آخر ـ حرفية ، فإنّ بعض العناوين قد يؤخذ في الموضوع لا من حيث نفسه ، بل من جهة حكايته وكاشفيته عن غيره ، وهو باطل بالضرورة .

وثالثاً : ليس من المسلّم دائماً أن يكون الحرف ملحوظاً آلياً ، وطريقاً للغير فهناك بعض الموارد يلحظ الحرف بلحاظ استقلالي ، ويكون منظوراً إليه بنفسه وذلك كما لو علمنا أنّ زيداً حلّ في بلد ونعلم أنّه سكن في مكان ، ولكنّه لا نعلم المكان بخصوصه ، فنسأل عن تلك الخصوصية التي هي مدلول الحرف فنقول : سكن زيد في أي مكان ؟ ولا ريب أنّ المنظور إليه حينئذ نفس الخصوصية ، مع العلم ببقية جهات القضية .

فالمتحصّل من المجموع : أنّه ليس ثمّة اتّحاد بين المعنيين أصلا .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net