عدم الفرق في مطهِّريّة الأرض بين التراب والرّمل والحجر 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6412


ــ[109]ــ

ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر الأصلي (1) بل الظاهر كفاية المفروشة بالحجر بل بالآجر والجص والنورة (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويدل على ذلك التعليـل في بعضها بأن الأرض يطهر بعضها بعضاً ، بمعنى أن الأرض الطاهرة تطهر الأرض النجسة بالمعنى المتقدِّم(1) فانّ مقتضاه أن الأرض مطهّرة لا ما هو من أجزائها ، ومن ثمة لا يفرق في الإشكال الذي ذكرناه بين أن يمسح الرجل أو النعل بالحجر أو التراب المأخوذين من الأرض ، وبين أن يمسح الحجر أو التراب المأخوذين من الأرض بالنعل أو الرجل فان الماسحية والممسوحية في الاشكال سواء وهذا بخلاف ما إذا كان منشأ الاشكال هو ما يوهمه ظاهر الماتن ، فان لازمه الحكم بكفاية المسح في الصورة الثانية كما لعله ظاهر .

   نعم ، يأتي منّا في المسألة الثانية من مسائل المقام(2) ما يدل على كفاية المسح بالأجزاء المنفـصلة من الأرض فيما لا يمكن عادة أن يمسح بالأجزاء المتصلة منها فليلاحظ .

   (1) كما إذا كانت الأرض ذات رمل أو حجر أو تراب من الابتداء ، وذلك لاطلاق الأرض الواردة في الأخبار ، ولعل هذا مما لا إشكال فيه . وإنما الكلام في كفاية الأرض الرملية أو الحجرية بالعرض ، وهو الذي أشار إليه بقوله : بل الظاهر كفاية المفروشة ... .

   (2) لأن المفروشة بالحجر أو بغيره من الأجزاء الأرضية يصح أن يقال إنها أرض حقيقة ، فان الحجر مثلاً من الأجزاء الأرضية كما عرفت ، وإنما انتقل من مكانه إلى مكان آخر ، ومن الواضح أن الانتقال غير مانع من صدق عنوان الأرض بوجه . ثمّ إنّ فرش الأرض بالحجر أو بغيره من أجزائها أمر متعارف بل هو أمر غالبي في البلاد ، وليس من الاُمور النادرة ليدعى انصراف الأرض عن المفروشة بالحجر أو بغيره .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 102 .

(2) في ص 119 .

ــ[110]ــ

نعم يشكل كفاية المطلي بالقير أوالمفروش باللوح من الخشب (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ثمّ لو قلنا بعدم صدق الأرض على المفروشة بشيء من الأجزاء الأرضية فهل يمكننا الحكم بطهارة باطن الرجل أو النعل بالمسح أوالمشي عليها ؟

   قد يقال بطهارتهما بذلك ، نظراً إلى أن استصحاب نجاستهما السابقة يعارض استصحاب مطهرية الأجزاء الأرضية المفروشة فيتساقطان ، كما هو الحال في جميع الاستصحابات التعليقية ، فان استصحاب المطهرية تعليقي في المقام وتقريبه : أن تلك الأجزاء المفروشة كالحجر وغيره كانت قبل أن تنتقل من مكانها مطهرة لباطن الرجل أو الخف لو مسح أو مشي عليها ، وإذا انتقلت عن مكانها حكم بكونها أيضاً كذلك بالاستصحاب ، وهو يعارض باستصحاب نجاستهما السابقة ، ولأجل ذلك يتساقطان وتنتهي النوبة إلى قاعدة الطهارة وببركتها يحكم بطهارة باطن الرجل أو النعل في مفروض الكلام .

   وفيه : بعد الغض عن عدم اعتبار الاستصحابات التعليقية في نفسها وعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإلهيّة ـ التي منها استصحاب النجاسة في المقام  ـ أن المورد ليس من موارد الرجوع إلى قاعدة الطهارة بل لا بدّ من الرجوع فيه إلى الاطلاقات المقتضية لاعتبار الغسل بالماء في تطهير المتنجسات وعدم جواز الاكتفاء بغيره ، فان المقدار المتيقن ممّا خرج عن تلك المطلقات إنما هو صورة المسح أو المشي على الأرض غير المفروشة ، وأما الزائد المشكوك فيه فيبقى تحت المطلقات لا محالة .

   (1) لعدم صدق الأرض عليها ، وكذا الحال في المفروش بالصوف أو القطن أو غيرهما مما ليس من الأجزاء الأرضية . نعم ورد في صحيحة الأحول ورواية المعلى المتقدِّمتين(1) ما باطلاقه يشمل المقام وهو قوله «مكاناً نظيفاً» و «شيء جاف» لشمولهما المطلي بالقير والمفروش بالقطن ونحوه ، إلاّ أن مقتضى التعليل الوارد في جملة من الأخبار المتقدِّمة أعني قوله (عليه السلام) «إن الأرض يطهر بعضها بعضاً» تقييد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 99 ـ 100 .

ــ[111]ــ

ممّا لا يصدق عليه إسم الأرض ، ولا إشكال في عدم كفاية المشي (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الروايتين المتقـدمتين بالأرض وعدم ترتب الطهارة على المشي فيما ليس بأرض ويؤيده رواية السرائر عن الحلبي لاشتمالها على اعتبار المشي في الأرض اليابسة .

   (1) يتصوّر المشي على الأرض بوجوه :

   الأوّل : أن يقع المشي على الأجزاء الأرضية الأصلية كما في الأراضي الحجرية أو الرملية ونحوهما ، ولا إشكال في مطهرية المشي حينئذ على تفصيل قد تقدّم .

   الثاني : أن يقع المشي على الأجزاء العرضـية كالمشي على الأرض المفروشـة بالأحجار مثلاً ، وقد قدمنا أن المشي عليها أيضاً مطهر لأنها من الأرض .

   الثالث : أن يقع المشي على أجزاء عرضية تعد بالنظر العرفي من الأرض وإن لم تكن كذلك حقيقة ، وهذا كالمشي على الأرض المفروشة بالقير المعبّر عنه في زماننا هذا بالتبليط ، أو المفروشة بالألواح ونحوها لأنها خارجة عن الأرض حقيقة ، إلاّ أنها لمكان اتصالها بها تعد من الأرض مسامحة ، والأقوى في هذه الصورة عدم كفاية المشي عليها ، لأنها وإن كانت تطلق عليها الأرض عرفاً ومسامحة إلاّ أنها ليست من الأرض حقيقة .

   الرابع : أن يقع المشي على الأجزاء العرضية غير المعدودة من الأرض عرفاً ولا حقيقة لانفصالها من الأرض وذلك كالألواح المطروحة على الطريق ، وعدم كفاية المشي في هذه الصورة أظهر من سابقتها ، لأنّ الأجزاء العرضية كانت في الصورة السابقة متصلة بالأرض والاتصال مساوق للوحدة ، وهذا بخلاف هذه الصورة لانفصال الأجزاء فيها من الأرض ولا موجب معه لتوهم الإجزاء أبداً . والمشي على النبات والزرع كالمشي على القير فلا يكتفى به في التطهير ، بل النبات غير متصل بالأرض ـ  كالقير  ـ وإن كانت مادته واُصوله متصلتين بها ، فعدم الكفاية في المشي على النبات أظهر ، كما أن المشي على الفرش والحصير والبواري كالمشي على الألواح المطروحة في الطريق وقد عرفت حكمها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net