عدم طهارة الثوب والبدن ولا نفس القطرة الواقعة عليهما بذهاب ثلثيها 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6107


ــ[180]ــ

   [ 371 ] مسألة 1 : بناء على نجاسة العصير إذا قطرت منه قطرة بعد الغليان على الثوب أو البدن أو غيرهما يطهر بجفافه أو بذهاب((1)) ثلثيه بناء على ما ذكرنا من عدم الفرق بين أن يكون بالنار أو بالهواء وعلى هذا فالآلات المستعملة في طبخه تطهر بالجفاف وإن لم يذهب الثلثان مما في القدر ، ولا يحتاج إلى إجراء حكم التبعية ، ولكن لا يخلو عن إشكال من حيث إن المحل إذا تنجس به أوّلاً لا ينفعه جفاف تلك القطرة ، أو ذهاب ثلثيها ، والقدر المتيقن من الطهر بالتبعية المحل المعد للطبخ مثل القدر والآلات ، لا كل محل كالثوب والبدن ونحوهما (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إذا بنينا على أن المحلل والمطهر ـ  على تقدير القول بنجاسة العصير بالغليان  ـ إنما هو خصوص ذهاب الثلثين بالنار كما قويناه في البحث عن نجاسة العصير بالغليان(2) ، فلا إشكال في عدم طهارة الثوب والبدن ولا نفس القطرة الواقعة عليهما بذهاب ثلثيها أو بجفافها لعدم استنادهما إلى النار . وأما إذا قلنا بكفاية مطلق ذهابهما في حليته وطهارته سواء أ كان بالنار أم بغيرها ، فهل يحكم بطهارة الثوب والبدن ؟ استشكل الماتن في طهارتهما نظراً إلى أن المحل بعد ما تنجس بتلك القطرة لم ينفع ذهاب ثلثيها أوجفافها بوجه ، لأنه لم يقم دليل على طهارة المحل تبعاً لطهارة القطرة الواقعة عليه .

   وما أفاده (قدس سره) هو المتين وتوضيحه : أن الطهارة بالتبع إنما ثبتت بأحد اُمور منتفية في الثوب والبدن ، حيث إنها إما أن تثبت من جهة السيرة الخارجية والاجماع القطعيين القائمين على عدم الاجتناب عن العصير ، ومحلّه بعد ذهاب الثلثين لطهارة المحل بتبع طهارته . وإما أن تثبت بالروايات لسكوتها عن التعرض لنجاسة المحل وهي في مقام البيان ، فيستكشف من ذلك طهارته تبعاً ، إذ لو كان نجساً لكان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه منع ، نعم القول بطهارته بالتبع لا يخلو عن وجه قوي ، ويسهّل الخطب أنه لا ينجس بالغليان كما مرّ .

(2) شرح العروة  3 : 109 .

 
 

ــ[181]ــ

عليهم (عليهم السلام) البيان والتنبيه على نجاسته . وإما أن تثبت من جهة اللغوية فان الحكم بطهارة العصير بعد تثليثه مع بقاء المحل على نجاسته لغو ظاهر .

   وهذه وجوه ثلاثة وهي مختصة بالأواني والآلات وغيرهما مما يصيبه العصير عادة حين طبخه وتثليثه ، ولا يأتي شيء منها في الثوب والبدن .

   أمّا السيرة والاجماع ، فلأ نّهما من الأدلّة اللّبية والقدر المتيقن منهما الأواني والآلات ونظائرهما وهي التي جرت السيرة على عدم التجنب عنها ، ولا يمكن الاستدلال بالأدلّة اللّبية في الزائد على القدر المتيقن منها .

   وأمّا سكوت الأخبار في مقام البيان ، فلأ نّهم (عليهم السلام) إنما كانوا بصدد بيان أن العصير يحل شربه ويحكم بطهارته بذهاب ثلثيه وكذلك آلاته وأوانيه ، ولم يعلم أنهم بصدد بيان أن محل العصير ـ ولو كان كالثوب والبدن ـ أيضاً يطهر بتبعه حتى يتمسك باطلاق الروايات وسكوتها في مقام البيان .

   وأما دليل اللغوية ، فلأ نّه إنما يتم فيما إذا ورد دليل على ثبوت حكم في مورد بخصوصه وكان ثبوته في ذلك المورد متوقفاً على ثبوت حكم آخر ، فانّه يلتزم حينئذ بثبوت ذلك الحكم الآخر أيضاً صوناً للكلام عن اللغو ، وهذا كما في الحكم بطهارة العصير المغلي بعد ذهاب ثلثيه فانّها مع بقاء الآلات والأواني على نجاستهما لغو ظاهر ، فصـوناً لكلامهم (عليهم السلام) عن اللغو نلتزم بثبوت الطهارة للأواني والآلات كالعصير . وأما إذا لم يثبت الحكم إلاّ بالاطلاق وكان شموله لفرد من أفراده متوقفاً على التزام حكم آخر ، فلا مسوّغ للتمسك بالاطلاق في ذلك الفرد ما لم يقم دليل على ثبوت الحكم الآخر في نفسه ، وذلك لما ذكرناه في محله من أن الاطلاق إنما يشمل الموارد التي لا يتوقف شموله لها على مؤونة زائدة كلحاظ ثبوت اللاّزم وهو الحكم الآخر على الفرض ، ومع توقفه على المؤونة أي على لحاظ ثبوت الحكم الآخر لا يشمله الاطلاق في نفسه حتى يقوم دليل خارجي على تلك المؤونة الزائدة .

   وقد ذكرنا نظيره في الكلام على الاُصول المثبتة ، حيث استدل على اعتبارها باطلاق أدلة الاُصول ولزوم اللغوية على تقدير عدم ثبوت مثبتاتها ، لأن إطلاق قوله (عليه السلام) «لا تنقض اليقين بالشك» يشمل اليقين السابق الذي لا يترتب عليه

ــ[182]ــ

أثر شرعي في نفسه ، ولا معنى لنقضه إلاّ أن له لازماً له أثر ، وبما أن شموله لذلك الفرد من اليقين لغو إلاّ بالالتزام بجريانه في لازمه والحكم بعدم نقض آثار ذلك اللاّزم فصوناً لكلامه (عليه السلام) عن اللغو لا بدّ من التزام شمول الأدلّة للازمه .

   وقد أجبنا عن ذلك هناك بما ذكرناه في المقام ، لأن عدم نقض اليقين الذي لا أثر شرعي له في نفسه ليس بمورد للدليل وإنما يشمله إطلاقه ، والاطلاق لا يشمل إلاّ الموارد التي لا يتوقف شموله لها على لحاظ أمر زائد ، ولو كان لحاظ ثبوت الحكم في لازمه ما دام لم يقم دليل خارجي على لحاظه ، والأمر فيما نحن فيه أيضاً كذلك ، إذ العصير الطارئ على الثوب أو البدن ليس بمورد لدليل بالخصوص ، وإنما يحكم بطهارته بذهاب الثلثين للاطلاق ، وهو لا يشمل الموارد التي يتوقف شموله لها على لحاظ أمر زائد . وعليه فالدليل على طهارة العصير بذهاب ثلثيه قاصر الشمول للقطرة الواقعة على الثوب أو البدن في نفسه حتى يدعى ثبوت الطهارة في لازمه بدليل اللغوية . وهذا بخلاف الأواني والآلات حيث إن طهارة العصير المغلي بذهاب ثلثيه مورد للدليل بالخصوص ، والعصير إنما يكون في الاناء كما أن إغلاءه إنما يكون بآلاته ، ومعه لا بدّ من الالتزام فيهما أيضاً بالطهارة صوناً لكلامهم وحكمهم بطهارة العصير بذهاب الثلثين عن اللغو .

   فالمتحصل أنه لا دليل على طهارة البدن والثوب تبعاً لطهارة القطرة الواقعة عليهما أو بجفافها ، ولأجل ذلك استشكل الماتن في الحكم بطهارتهما كما عرفت .

   نعم ، يمكن الحكم بطهارة الثوب والبدن أيضاً تبعاً لطهارة العصير المغلي في إنائه بذهاب الثلثين ـ  لا تبعاً لطهارة القطرة الواقعة على الثوب والبدن بجفافها أو بذهاب ثلثيها  ـ وذلك لما تقدم من أن الأواني والآلات ولباس الطباخ وبدنه ، وغيرها مما يصيبه العصير عادة حين طبخه حتى الملعقة التي بها يحرك العصير والاناء الذي تجعل فيه تلك الملعقة محكومة بالطهارة تبعاً لطهارة العصير ، وذلك لأن نجاسة تلك الاُمور مما يغفل عنه العامّة وهي على تقدير ثبوتها لا بدّ من أن يبين في مقـام البيان فسكوتهم (عليهم السلام) عن التعرض لنجاستها في تلك الروايات الواردة في مقام البيان يدل على طهارتها تبعاً . وأما التبعية في الثوب والبدن للقطرة الواقعة عليهما فقد




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net