إذا شكّ في خروج نجاسة اُخرى مع الغائط - إذا شكّ في أنه استنجى أم لا بعد الخروج من الخلاء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8716


ــ[380]ــ

ولو شك في ذلك يبنى على العدم فيتخيّر (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وعلى ذلك إذا أصاب المحل المتنجِّس بالغائط دم أو غيره وجب غسله بالماء لاطلاق ما دلّ على لزوم الغسل بالماء في إزالة الدم ونحوه وعدم كفاية التمسح في التطهير منه . وعلى الجملة إن النجاسة الثانية وإن لم تنجس المحل ثانياً ، إلاّ أن المحل يتبدل حكمه بملاقاتها وينقلب جواز المسح بوجوب الغسل .

   (1) للشك في ذلك صورتان :

   إحداهما : أن يشك في تنجس المحل قبل خروج الغائط مع القطع بعدم طروء النجاسة عليه بعد الخروج ، ولا مانع في هذه الصورة من استصحاب عدم وصول النجاسة إلى المحل قبل الخروج ، فان مقتضاه الحكم بطهارة المحل إلى حين الخروج وعدم تنجسه إلاّ بالغائط ، أما تنجسه وملاقاته للغائط فبالوجدان وأما عدم تنجسه بغيره فبالاستصحاب ، فبضم الوجدان إلى الأصل يثبت أن المحل متنجس بملاقاة الغائط فحسب ولم تصبه نجاسة اُخرى غيره ، ومعه يتخيّر في تطهيره بين الغسل والمسح .

   ودعوى أن المرجع ـ بناء على أن المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً ـ هو استصحاب نجاسة المحل بعد الاستجمار ، لأن النجاسة الحاصلة إن كانت مستندة إلى الغائط فقد ارتفعت قطعاً ، وإن كانت مستندة إلى غيره فهي باقية جزماً لعدم ارتفاعها بالمسح فالحادث مردد بين الطويل والقصير وما هو مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، ومعه يرجع إلى استصحاب كلي النجاسة الجامع بين القصير والطويل ، للعلم بتحققها والشك في بقائها وارتفاعها بالمسح ، وهو من القسم الثاني من استصحاب الكلي حينئذ .

   مندفعة بأن الاستصحاب إنما يجري في الكلي الجامع فيما إذا تردد الفرد الحادث بين الطويل والقصير ، ولم يكن هناك أصل آخر معيّن لحاله ، كما إذا خرج من المكلف بعد الوضوء مائع مردد بين البول والمني ، وذلك لأن استصحاب عدم حدوث الجنابة حينئذ معارض باستصحاب عدم خروج البول منه ، ومعه يتساقطان ويرجع إلى

 
 

ــ[381]ــ

استصحاب كلِّي الحدث .

   وأمّا إذا كان هناك أصل معيّن لحال الفرد المشكوك فيه فلا يبقى لاستصحاب الكلي مجال ، كما إذا خرج المائع المردد بين البول والمني بعد الحدث الأصغر في المثال ، فان استصحاب عدم حدوث الجنابة أو عدم خروج المني معيّن للحدث المشكوك فيه ، ومقتضاه أن المكلف لم يخرج منه المني وأنه ليس بمحدث بالأكبر ، ولا يعارض ذلك استصحاب عدم خروج البول منه إذ لا أثر يترتب عليه ، حيث إن مفروض الكلام أن المكلف قد أحدث بالأصغر والمحدث لا يحدث ثانياً ولا أثر للبول بعد البول مثلاً وكيف كان فمع جريان الأصل المذكور لا يبقى لاستصحاب الحدث الكلي مجال .

   ومقامنا هذا من هذا القبيل ، لأن استصحاب عدم إصابة النجاسة للمحل قبل الخروج بضمه إلى الوجدان وهو ملاقاة المحل للغائط يقتضي عدم كون الموضع متنجساً بغير الغائط فهو معيّن لحال النجاسة الحادثة المشكوكة ومعه يتخيّر بين الغسل والمسح كما تقدم .

   وثانيتهما : أن يشك في طروء نجاسة اُخرى على المحل بعد خروج الغائط مع الجزم بعدم طروءها قبل الخروج ، وحال هذه الصورة حال الصورة المتقدِّمة حيث إن النجاسة الثانية مشكوكة الحدوث والأصل عدمه ، إذ المحل متنجس بالغائط بالوجدان ولم تصبه النجاسة الاُخرى بالاستصحاب فيتخيّر بين غسل المحل والتمسح بالأحجـار قلنا بتنجس المتنجِّس ثانياً أم لم نقل . أما على الأول فالأمر ظاهر كما مرّ ، وأما على الثاني فلأن المحل حينئذ وإن لم يتنجّس بالنجاسة الثانية إلاّ أن المحل يتبدل حكمه بملاقاتها كما مر ، ومع الشك في تبدل حكم المحل يجري استصحاب عدم طروء النجاسة الثانية ، وعدم تبدل حكمه من التخيير إلى تعيّن الغسل بالماء ، وهو أصل موضوعي لا يجري معه استصحاب نجاسة المحل .

   ودعوى : أن المقام مورد لاستصحاب نجاسة المحل للعلم بنجاسته قبل التمسح والشك في ارتفاعها بالاستجمار ، وذلك للشك في أن المحل أصابته نجاسة غير الغائط أم لم تصبه ، ومعه يجري استصحاب كلي النجاسة وهو من القسم الأوّل من استصحاب الكلِّي .

ــ[382]ــ

   [ 447 ] مسألة 5 : إذا خرج من بيت الخلاء ، ثم شك في أنه استنجى أم لا بنى على عدمه (1) على الأحوط ((1)) وإن كان من عادته

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   مندفعة بأن مقتضى الأصل الجاري في الموضوع أن المحل لم تصبه أية نجاسة غير الغائط ، وذلك بضم الوجدان إلى الأصل ، وبه يثبت أن المحل متنجس بالغائط فحسب فيترتب عليه حكمه وهو التخيير بين الغسل والمسح .

   وعلى الجملة إن احتمال إصابة النجاسة سواء كان قبل خروج الغائط أم بعده وسواء قلنا بتنجس المتنجِّس ثانياً أم لم نقل ، مندفع بالاستصحاب لأن المقتضي للحكم بكفاية التمسح ـ وهو تنجس المحل بالغائط ـ محرز بالوجدان ، فاذا شككنا في طروء المانع وهو إصابة نجاسة اُخرى للمحل يبنى على عدمه كما مر ، ولا مجال معه لاستصحاب الكلي في كلتا الصورتين .

   (1) لاستصحاب عدمه وعدم جريان قاعدة التجاوز فيه ، وتوضيحه : أن قاعدة التجاوز إنما تجري فيما إذا صدق التجاوز عن المشكوك فيه ، كما إذا شك في صحة شيء وفساده بعد العلم بوجوده الجامع بينهما ، لوضوح أن التجاوز عن المشكوك فيه فرع إحرازه وتحققه ، فاذا أحرز وجوده وشك في أنه هل أتى به صحيحاً أو فاسداً صدق التجاوز عن المشكوك فيه حقيقة ، وأما إذا شك في وجود شيء وعدمه ـ  كما في المقام  ـ فلا يصدق أنه شيء قد مضى وتجاوز عنه ، إذ لم يحرز أصل وجوده فضلاً عن التجاوز عنه ، ولعل المكلف لم يأت به أصلاً . مع أن المضي والتجاوز معتبران في القاعدة حسبما تقتضيه أدلتها على ما يأتي في محله إن شاء الله .

   نعم ، دلت صحيحة زرارة : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل شك في الأذان وقد دخل في الاقامة ، قال : يمضي ، قلت : رجل شك في الأذان والاقامة وقد كبّر ، قال : يمضي ، قلت : رجل شك في التكبير وقد قرأ ، قال : يمضي ، قلت : شك في القراءة وقد ركع قال : يمضي ، قلت : شك في الركوع وقد سجد قال : يمضي على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل على الأظهر واحتمال جريان قاعدة التجاوز مع الاعتياد ضعيف .

ــ[383]ــ

صلاته ، ثم قال : يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» (1) وغيرها من الأخبار الواردة في القاعدة على أن التجاوز الحقيقي عن المشكوك فيه غير معتبر في جريانها ، بل المعتبر هو التجاوز عن المحلل المقرر له في الشريعة المقدسة ، لأنه (عليه السلام) قد حكم بالمضي في الشك في الموارد المسؤول عنها في الصحيحة المتقدِّمة ، مع أن التجاوز عن المشكوك فيه غير محرز في شيء من تلك الموارد ، لوضوح أن الشك فيها إنما هو في أصل الوجود ومعه لا يمكن إحراز التجاوز الحقيقي . وعلى الجملة دلت الصحيحة على أن التجاوز عن المحل كالتجاوز عن المشكوك فيه ، إلاّ أن شيئاً من التجاوز الحقيقي والتعبدي غير صادق فيما نحن فيه :

   أمّا التجاوز حقيقة ، فلما تقدم من أن مع الشك في الوجود لا يمكن إحراز التجاوز عن المشكوك فيه .

   وأمّا التجاوز تعبداً وهو التجاوز عن المحل ، فلأنه لا محل مقرر للاستنجاء في الشريعة المقدسة، بل أي مورد استنجى فيه المكلف فهو محله ، والصلاة وإن كانت مشروطة بالطهارة أو إن النجاسة مانعة عن الصلاة ـ على الخلاف ـ إلاّ أن ذلك لا يستلزم أن يكون للاستنجاء محل مقرر شرعاً ، فالتجاوز التعبدي أيضاً لا تحقق له .

   ودعوى : أن الاستنجاء إذا كان له محل اعتيادي كبيت الخلاء ونحوه وشك فيه بعد الخروج عنه ، صدق عليه أنه مضى وتجاوز محله .

   تندفع بأن التجاوز عن المحل الاعتيادي وإن كان صادقاً عليه ، إلاّ أنه لم يقم دليل على كفايته في جريان القاعدة ، وإنما الدليل دلّ على جريانها عند التجاوز عن المحل المقرر الشرعي للمشكوك فيه ، وهو كالتجاوز الحقيقي غير صادق بالتجاوز عن المحل الاعتيادي .

   نعم ، لو قلنا بكفاية التجاوز عن المحل العادي للمشكوك فيه ، لم يحتج إلى الاستنجاء بالاضافة إلى الصلوات المتأخرة عن الشك فيه ، لأن الاستنجاء حينئذ قد أحرزته قاعدة التجاوز ، نظير ما إذا شككنا في الوضوء وأحرزناه بالتعبد الشرعي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 237 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 23 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net