كراهات التخلي 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8411


   وأمّا المكروهات فهي : استقبال (2)

ــــــــــــــــــــــــ
   (2) النهي يختص باستقبال الشمس فلا كراهة في استدبارها ، نعم لا فرق في القمر

ــــــــــــــ

ــ[416]ــ

الشمس والقمر بالبول والغائط (1) وترتفع بستر فرجه ولو بيده ، أو دخوله في بناء أو وراء حائط (2) واستقبال الريح

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بين استقباله واستدباره للنهي عن كليهما .

   (1) لجملة من الأخبار منها : رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال : «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه وهو يبول» (1) . ومنها : ما في عوالي اللآلي عن فخر المحققين قال : «قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا تستقبلوا الشمس ببول ولا غائط فانهما آيتان من آيات الله» (2) . ومنها : مرسلة الكليني قال : وروي أيضاً : لا تستقبل الشمس والقمر (3) ومنها : مرسلة الصدوق قال : وفي خبر آخر : لا تستقبل الهلال ولا تستدبره ـ  يعني في التخلِّي  ـ (4) ومنها : غير ذلك من الأخبار .

   (2) لعلّه لما في بعض الأخبار من النهي عن البول والفرج باد للقمر يستقبل به (5) نظراً إلى أنه مع الستر أو الدخول في البناء ونحوهما لا يكون الفرج بادياً للقمر . وفيه أن الأخبار الناهية لا تختص بتلك الرواية ، وقد تعلق النهي في جملة منها على استقبال الشمس والقمر أو استقبال الهلال واستدباره ، ولا يفرق في ذلك بين ستر الفرج والدخول في البناء وعدمهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 342 / أبواب أحكام الخلوة ب 25 ح 1 .

(2) المستدرك 1 : 272 / أبواب أحكام الخلوة ب 20 ح 2 ، عوالي اللآلي 2 : 189 / 73 .

(3) ، (4) الوسائل 1 : 343 / أبواب أحكام الخلوة ب 25 ح 5 ، 3 ، الكافي 3 : 15 / 3 ، الفقيه 1 : 18  / 48 .

(5) كما في حديث المناهي قال : «ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس والقمر» ورواية الكاهلي : عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا  يبولنّ أحدكم وفرجه باد للقمر يستقبل به» الوسائل 1 : 343 / أبواب أحكام الخلوة ب 25 ح 4 ، 2  ثم إن الوجه في حمل الرواية على الكراهة أن الحرمة في المسألة لم تنقل من أصحابنا مع أنها ممّا يكثر الابتلاء به ، والحكم في مثلها لو كان لذاع ولم يخف على المسلمين فضلاً عن الأعلام المحقِّقين ولم تنحصر روايته بواحدة أو اثنتين .

ــ[417]ــ

بالبول بل بالغائط أيضاً  (1) والجلوس في الشوارع (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لما في مرفوعتي محمد بن يحيى وعبدالحميد بن أبي العلاء أو غيره «ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها» (1) ومرفوعة محمد بن علي بن إبراهيم «ولا تستقبل الريح لعلتين ...» (2) وبذلك يظهر أن تخصيص الحكم باستقبال الريح كما صنعه الماتن وبعضهم مما لا وجه له ، للتصريح بالاستدبار في المرفوعتين .

   (2) ففي حديث المناهي : «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطريق» الحديث (3) وفي حديث الأربعمائة : «لا تبل على المحجة ولا تتغوط عليها» (4) وفي دعائم الاسلام عنهم (عليهم السلام) «أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نهى عن الغائط فيه ـ  أي في الماء  ـ ... وعلى الطرق ...» (5) وفي البحار عن العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم « ... ولا يتوضأ على شط نهر جار ... ولا على جواد الطريق» (6) وفي صحيحة عاصم بن حميد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال رجل لعلي بن الحسين (عليه السلام) أين يتوضأ الغرباء ؟ قال : تتقي شطوط الأنهار والطرق النافذة ..» (7) وظاهر النهي في الصحيحة وإن كان حرمة التخلي في تلك الموارد إلاّ أنه لا مناص من حملها على الكراهة ، لتسالم الأصحاب على الجواز في تلك الموارد .

   نعم ، عن المفيد (8) والصدوق (9) أنهما عبّرا بعدم الجواز ، ولم يعلم إرادتهما التحريم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 301 / أبواب أحكام الخلوة ب 2 ح 2 ، 6 .

(2) المستدرك 1 : 246 / أبواب أحكام الخلوة ب 2 ح 2 .

(3) الوسائل 1 : 327 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 10 .

(4) الوسائل 1 : 328 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 12 .

(5) المستدرك 1 : 261 / أبواب أحكام الخلوة ب 12 ح 2 ، دعائم الاسلام 1 : 104 .

(6) المستدرك 1 : 262 / أبواب أحكام الخلوة ب 12 ح 4 ، البحار 77 : 194 / 53 .

(7) الوسائل 1 : 324 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 1 .

(8) المقنعة : 41 .

(9) المقنع : 8 .

ــ[418]ــ

أو المشارع (1) أو منزل القافلة (2) ، أو دروب المساجد (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من ذلك . على أن التخلِّي في تلك المواضع ولا سيما الشوارع والزقاق كان من الاُمور المتعارفة في الأعصار السابقة ، بل الأمر كذلك حتى الآن في بعض الأمصار وكذا في القرى والبوادي ، والحكم في أمثال ذلك ـ  ممّا يعم به البلوى غالباً  ـ لو كان لاشتهر وبان ، ولورد في غير واحد من الأخبار ولم يكد يخفى على الأعلام الباحثين عن مدارك الأحكام . أضف إلى ذلك أن مساق الصحيحة وظاهرها أنها بصدد بيان السنن والآداب ليتأدب بها الغريب ، وإلاّ فالأحكام الشرعية لا فرق فيها بين الغرباء وغيرهم .

   (1) جمع مشرعة وهو مورد الشاربة . وفي مرفوعة علي بن إبراهيم قال : «خرج أبو حنيفة من عند أبي عبدالله (عليه السلام) وأبو الحسن موسى (عليه السلام) قائم وهو غلام ، فقال له أبو حنيفة : يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم ؟ فقال : اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال ، ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول ، وارفع ثوبك ، وضع حيث شئت» (1) وفي رواية السكوني «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يتغوّط على شفير بئر ماء يستعذب منها أو نهر يستعذب أو تحت شجرة فيها ثمرتها» (2) ونظيرها رواية الحصين بن مخارق (3) وفي صحيحة عاصم المتقدِّمة «تتقي شطوط الأنهار ...» وفي وصية النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) : «وكره البول على شط نهر جار» (4) .

   (2) للأمر بالاجتناب عن منازل النزال في مرفوعة القمي المتقدِّمة (5) ورواية إبراهيم بن أبي زياد الكرخي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثلاث من فعلهن ملعون : المتغوّط في ظل النزال ...» (6) .

   (3) للأمر بالاجتناب عن أفنية المساجد في مرفوعة القمي المتقدِّمة (7) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) ، (3) ، (4) ، (5) ، (6) ، (7) الوسائل 1 : 324 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 2 ، 3 ، 6 ، 9 ، 2 ، 4 ، 2 .

ــ[419]ــ

أو الدور (1) أو تحت الأشجار المثمرة (2) ولو في غير أوان الثمر (3) والبول قائماً (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لعلّه لما ورد في صحيحة عاصم بن حميد المتقدِّمة من قوله (عليه السلام) «تتقى شطوط الأنهار ... ومواضع اللعن ، فقيل له : وأين مواضع اللّعن ؟ قال : أبواب الدور» (1) .

   (2) وفي صحيحة عاصم المتقدِّمة : «وتحت الأشجار المثمرة» وفي رواية الحسين ابن زيد : «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة» (2) وفي مرفوعة القمي المتقدِّمة (3) «ومساقط الثمار» وفي رواية السكوني وابن مخارق المتقدمتين : «أو تحت شجرة فيها ثمرتها أو ثمرها» وفي مرسلة الفقيه عن أبي جعفر (عليه السلام) (4) ووصيّة النبي المتقدِّمة (5) «تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت» وفي رواية عبدالله بن الحسن : «تحت شجرة مثمرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت يعني أثمرت» (6) .

   (3) ذهب إليه جماعة من المتأخرين ، وإن كانت الأخبار الواردة ظاهرة الاختصاص بحالة وجود الثمرة كما مر .

   (4) لجملة من الأخبار : منها : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «من تخلى على قبر أو بال قائماً ، أو بال في ماء قائماً أو مشى في حذاء واحد أو شرب قائماً ، أو خلا في بيت وحده وبات على غمر فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلاّ أن يشاء الله ، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه الحالات» (7) ومنها : مرسلة الصدوق قال : «قال (عليه السلام) البول قائماً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 324 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ، وتقدّم في ص 417 .

(2) الوسائل 1 : 327 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 10 .

(3) في ص 418 .

(4) الوسائل 1 : 327 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 8 ، الفقيه 1 : 22 / 64 .

(5) في ص 418 .

(6) الوسائل 1 : 328 / أبواب أحكام الخلوة ب 15 ح 11 .

(7) الوسائل 1 : 329 / أبواب أحكام الخلوة ب 16 ح 1 .

ــ[420]ــ

وفي الحمام (1) وعلى الأرض الصلبة (2) وفي ثقوب الحشرات (3) وفي الماء (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من غير علة من الجفاء» (1) ومنها غير ذلك من الأخبار .

   (1) استدل عليه بأنه من الصفات المورثة للفقر كما في الخبر (2) .

   (2) لما ورد من أن «من فقه الرجل أن يرتاد موضعاً لبوله» (3) و «أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان أشدّ الناس توقِّياً للبول ، كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير كراهية أن ينضح عليه البول» (4) وفي الجواهر : يظهر من بعضهم عدم جعله من المكروهات ، بل جعل ارتياد موضع للبول من المستحبات ، والأولى الجمع بينهما للتسامح بكل منهما (5) انتهى .

   (3) لما عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أنه قال : «لا يبولن أحدكم في جحر» (6) وفي البحار عن أعلام الدين للديلمي قال : «قال الباقر (عليه السلام) لبعض أصحابه وقد أراد سفراً فقال له : أوصني ، فقال : لا تسيرن شبراً وأنت حاف ... ولا تبولنّ في نفق» الحديث (7) .

   (4) ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «من تخلّى على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 352 / أبواب أحكام الخلوة ب 33 ح 3 .

(2) عن الخصال [ 2 : 504 ] قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «البول في الحمام يورث الفقر» . راجع البحار 77 : 170 / 9 آداب الاستبراء ومثله في المستدرك 1 : 284 / أبواب أحكام الخلوة ب 29 ح 7 وفي وصية النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) : «لا يبولنّ الرجل في ماء جار فان فعل ذلك وأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه» الخصال 2  :  613 .

(3) ، (4) الوسائل 1 : 338 / أبواب أحكام الخلوة ب 22 ح 1 ، 2 .

(5) الجواهر 2 : 67 .

(6) كنز العمال ج 9 ص 364 / 26481 .

(7) المستدرك 1 : 286 / أبواب أحكام الخلوة ب 29 ح 10 . النَفَق ـ محركة ـ : سرب في الأرض له مخلص إلى مكان ، والسرب جحر الوحشي ، أعلام الدين : 302 .

 
 

ــ[421]ــ

خصوصاً الراكد (1) وخصوصاً في الليل (2) والتطميح بالبول (3) أي البول في الهواء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبر أو بال قائماً أو بال في ماء قائماً... فأصابه شيء من الشيطان ، لم يدعه إلاّ أن يشاء الله ...» (1) وفي رواية عن أحدهما (عليهما السلام) أنه قال : «لا تشرب وأنت قائم ولا تبل في ماء نقيع ...» (2) وفي مرسلة حكم عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : «قلت له : يبول الرجل في الماء ؟ قال : نعم ولكن يتخوّف عليه من الشيطان»(3) وفي مرسلة مسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري إلاّ من ضرورة ، وقال : إن للماء أهلاً»(4) وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «لا تشرب وأنت قائم ولا تطف بقبر ، ولا تبل في ماء نقيع ...» (5) إلى غير ذلك من الأخبار .

   (1) الخصوصية مستفادة من الجمع بين الأخبار المتقدِّمة الناهية من البول في الماء وبين الأخبار الواردة في المقام كصحيحة الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري وكره أن يبول في الماء الراكد» (6) ورواية عنبسة بن مصعب ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يبول في الماء الجاري قال : لا بأس به إذا كان الماء جارياً» (7) إلى غير ذلك من الأخبار ، وذلك لأن مقتضى الجمع بين الطائفتين والتفصيل بين الجاري وغيره في هذه الروايات ، حمل الطائفة الثانية على خفة الكراهة في الجاري ، والاُولى على شدتها في الماء الراكد .

   (2) علل ذلك بأن الماء للجن بالليل وأنه مسكنهم ، فلا يبال فيه ولا يغتسل لئلاّ تصيبه آفة من جهتهم ، كذا حكي عن العلاّمة (8) والشهيد (9) وغيرهما .

   (3) لما في مرسلة الصدوق من أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نهى أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 329 / أبواب أحكام الخلوة ب 16 ح 1 .

(2) ، (3) ، (4) ، (5) الوسائل 1 : 340 / أبواب أحكام الخلوة ب 24 ح 1 ، 2 ، 3 ، 6 .

(6) ، (7) الوسائل 1 : 143 / أبواب الماء المطلق ب 5 ح 1 ، 2 .

(8) نهاية الأحكام 1 : 83 .

(9) الذكرى : 20 السطر 22 .

ــ[422]ــ

والأكل (1) والشرب حال التخلِّي بل في بيت الخلاء مطلقاً (2) والاستنجاء باليمين (3) وباليسار إذا كان عليه خاتم فيه اسم الله (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح أو من الشيء المرتفع (1) وغيرها .

   (1) لمرسلة الفقيه قال : «دخل أبو جعفر الباقر (عليه السلام) الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك معه فقال : تكون معك لآكلها إذا خرجت فلما خرج (عليه السلام) قال للملوك : أين اللقمة ؟ فقال : أكلتها يابن رسول الله فقال (عليه السلام) إنها ما استقرت في جوف أحد إلاّ أوجبت له الجنة ، فاذهب فأنت حر فاني أكره أن استخدم رجلاً من أهل الجنّة» (2) وغيرها من الأخبار المتحدة معها في المفاد .

   وتقريب الاستدلال بها أن قوله (عليه السلام) «تكون معك لآكلها إذا خرجت» يكشف عن مرجوحية الأكل في بيت الخلاء ، لأنه لولا مرجوحيته لم يكن (عليه السلام) يؤخر أكل اللقمة بوجه ، لعلمه بانّها ما استقرت في جوف أحد إلاّ أوجبت له الجنة . نعم لا دلالة لها على كراهة الأكل حال التخلي وإن استدلّ بها بعضهم على كراهة الأكل حالئذ .

   (2) إلحاقاً له بالأكل بحسب الفتوى .

   (3) لجملة من الأخبار كما مرّ (3) .

   (4) كما عن المبسوط (4) والمهذب (5) والوسيلة (6) والتذكرة (7) وغيرها للأخبار المتضافرة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 352 / أبواب أحكام الخلوة ب 33 ح 4 ، الفقيه 1 : 19 / 50 .

(2) الوسائل 1 : 361 / أبواب أحكام الخلوة ب 39 ح 1 ، الفقيه 1 : 18 / 49 .

(3) في ص 414 .

(4) المبسوط 1 : 18 .

(5) المهذب 1 : 41 .

(6) الوسيلة : 48 .

(7) التذكرة 1 : 133 .

ــ[423]ــ

   منها : رواية الحسين بن خالد عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال «قلت له : إنّا روينا في الحديث أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يستنجي وخاتمه في إصبعه وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان نقش خاتم رسول الله : محمّد رسول الله، قال: صدقوا، قلت: فينبغي لنا أن نفعل قال : إن اُولئك كانوا يتختّمون في اليد اليمنى فانّكم أنتم تتختّمون في اليسرى»(1) .

   ومنها : رواية عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال : «لا يمس الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله تعالى ، ولا يستنجي وعليه خاتم فيه اسم الله ...» (2) لعدم القول بالفصل بين الجنب وغيره ، وغير ذلك من الروايات .

   وفي قبالها رواية وهب بن وهب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «كان نقش خاتم أبي : العزة لله جميعاً وكان في يساره يستنجي بها ، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام) الملك لله وكان في يده اليسرى يستنجي بها» (3) إلاّ أنها ساقطة عن الاعتبار بوجوه :

   أحدها : أنها رواية شاذة لا تقاوم الأخبار المتضافرة في المقام .

   وثانيها : أنها معارضة في موردها لاشتمالها على أن النبي والوصي (عليهما السلام) كانا يتختّمان باليسار ، مع أن رواية الحسين بن خالد المتقدِّمة صريحة في أنهما كانا يتختمان باليمين ، ومعه لا بدّ من حمل رواية وهب على التقية لموافقتها العامة (4) .

   وثالثها : أن الرجل عامي خبيث ومعروف بالكذب على الله وملائكته ورسله ، بل قيل إنه أكذب البرية وهو يروي المنكرات فلا يصغى إلى روايته أبداً ، ولا يقاس ضعفه بضعف غيره من الرّواة .

   ويُستفاد من بعض الأخبار كراهة إدخال الخاتم الذي فيه اسم الله على الخلاء وإن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) ، (3) الوسائل 1 : 331 / أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 3 ، 5 ، 8 .

(4) في تفسير روح البيان ج 4 ص 142 الأصل التختم باليمين ولما صار شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا .

ــ[424]ــ

وطول المكث في بيت الخلاء (1) والتخلِّي (2) على قبور المؤمنين(3) إذا لم يكن هتكاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم يكن في اليد التي يستنجى بها ، كما في رواية عمار المتقدِّمة حيث ورد في ذيلها : «ولا يدخل المخرج وهو عليه» ورواية أبي أيوب قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أدخُل الخلاء وفي يدي خاتم فيه اسم من أسماء الله تعالى ؟ قال : لا ، ولا تجامع فيه» (1) إلاّ أنهما محمولتان على صورة ما إذا كان الخاتم في اليد التي يستنجى بها ، وذلك لما دلت عليه رواية الحسين بن خالد المتقدِّمة من أن النبي والولي (عليهما السلام) كانا يتختّمان باليمين ويدخلان الخلاء ، ويستنجيان وخاتمهما في إصبعيهما .

   (1) لجملة من الأخبار الواردة في أن طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور منها : مرسلة الصدوق قال «قال أبو جعفر (عليه السلام) طول الجلوس على الخلاء يورث الباسورة» (2) .

   (2) للأخبار الدالّة على أن التغوّط بين القبور مما يتخوّف منه الجنون (3) أو أن من تخلّى على قبر فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلاّ أن يشاء الله (4) وفي بعض الروايات النبوية : «إياكم والبول على المقابر فانّه يورث البرص» (5) وأن من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوّط فكأنما جلس على جمرة من نار (6) .

   (3) قال في كشف الغطاء : يكره التخلي على القبر حيث لا يكون محترماً ، وإذا كان محترماً فمحرم وربما كان مكفراً ، ويقوى استثناء قبر الكافر والمخالف (7) ، ولكن النصوص والفتاوى خاليتان عن التقييد بالمؤمن كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 330 / أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 1 .

(2) الوسائل 1 : 336 / أبواب أحكام الخلوة ب 20 ح 2 .

(3) ، (4) الوسائل 1 : 329 / أبواب أحكام الخلوة ب 16 ح 2 ، 1 .

(5) كنز العمال 9 : 364 / 26483 .

(6) كنز العمال ج 9 ، 364 / 26484 .

(7) كشف الغطاء : 118 السطر 15 .

ــ[425]ــ

وإلاّ كان حراماً (1) واستصحاب الدرهم البيض (2) بل مطلقاً (3) إذا كان عليه اسم الله (4) أو محترم آخر ، إلاّ أن يكون مستوراً (5) والكلام (6) في غير الضرورة (7)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لحرمة هتك المؤمن حيّاً وميِّتاً .

   (2) لما رواه غياث عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) أنه كره أن يدخل الخلاء ومعه درهم أبيض إلاّ أن يكون مصروراً (1) .

   (3) قيل لأنه لا يفهم الخصوصية للأبيض بعد تقييده بما كان عليه اسم الله ، لقرب دعوى أن الوجه في الكراهة حينئذ هو احترام الكتابة . وفيه ما لا يخفى على الفطن .

   (4) لعلّه لمعروفية نقش ذلك على الدراهم البيض في ذلك العصر ، كذا في الجواهر (2) .

   (5) لقوله (عليه السلام) في الرواية المتقدِّمة : «إلاّ أن يكون مصروراً» كما مرّ .

   (6) لرواية أبي بصير قال : «قال لي أبو عبدالله (عليه السلام) : لا تتكلم على الخلاء فانّه من تكلم على الخلاء لم تقض له حاجة» (3) ورواية صفوان عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه قال : «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يجيب الرجل آخر وهو على الغائط ، أو يكلمه حتى يفرغ» (4) وعن المحاسن عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «ترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق» (5) .

   (7) كما إذا اضطر إلى التكلم لأجل حاجة يضر فوتها ، وقد علله في مصباح الفقيه بانتفاء الحرج والضرر لحكومة أدلتهما على العمومات المثبتة للأحكام (6) .

   وفيه : أن أدلّة نفي الحرج والضرر ناظرة إلى نفي الأحكام الالزامية الحرجية أو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 332 / أبواب أحكام الخلوة ب 17 ح 7 .

(2) الجواهر 2 : 75 .

(3) الوسائل 1 : 310 / أبواب أحكام الخلوة ب 6 ح 2 .

(4) الوسائل 1 : 309 / أبواب أحكام الخلوة ب 6 ح 1 .

(5) المستدرك 1 : 257 / أبواب أحكام الخلوة ب 6 ح 3 .

(6) مصباح الفقيه (الطهارة) : 95  السطر 2 .

ــ[426]ــ

إلاّ بذكر الله (1) أو آية الكرسي (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الضررية ، ولا تشمل الأحكام غير الالزامية إذ لا حرج في فعل المستحب وترك المكروه ، ولا امتنـان في رفعهما لمكان الترخيص في ترك أحدهما وارتكاب الآخر وأدلة نفي الضرر مسوقة للامتنان فلا يجري فيما لا امتنان فيه .

   (1) لصحيحة أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «مكتوب في التوراة التي لم تغيّر أن موسى سأل ربه فقال : إلهي إنه يأتي عليَّ مجالس اُعزك واُجلك أن أذكرك فيها ، فقال : يا موسى ، إن ذكري حسن على كل حال» (1) وحديث الأربعمائة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : «اذكروا الله عزّ وجلّ في كل مكان فانّه معكم» (2) وغيرهما من الروايات .

   (2) لرواية عمر بن يزيد قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن التسبيح في المخرج وقراءة القرآن ؟ قال : لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي ويحمد الله ، وآية ـ  على رواية الشيخ  ـ وآية الحمد لله ربّ العالمين ـ على رواية الصدوق (3) وهي على طريقه صحيحة ـ  بناء على أن عمر بن يزيد هو عمر بن محمّد بن يزيد بياع السابري  ـ وفي بعض الأخبار المروية عن أبي عبدالله (عليه السلام) سألته أتقرأ النفساء والحائض والجنب والرجل يتغوّط القرآن ؟ قال يقرؤون ما شاؤوا» (4) وهي بظاهرها تقتضي عدم كراهية قراءة القرآن مطلقاً . وفي الجواهر : لم أعثر على مفت به بل صرح بعضهم بكراهة ما عداها (5) وهو مقتضى الجمع بين الروايتين لصراحة الاُولى في المنع وعدم الترخيص في الزائد على آيتي الكرسي والحمد ، والثانية تقتضي الجواز ، والجمع بين المنع والجواز ينتج الكراهة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 310 / أبواب أحكام الخلوة ب 7 ح 1 .

(2) المستدرك 1 : 257 / أبواب أحكام الخلوة ب 7 ح 3 .

(3) الوسائل 1 : 312 / أبواب أحكام الخلوة ب 7 ح 7 ، التهذيب 1 : 352 / 1042 ، الفقيه 1 : 19 / 57 .

(4) الوسائل 1 : 313 / أبواب أحكام الخلوة ب 7 ح 8  .

(5) الجواهر 2 : 74 .

ــ[427]ــ

أو حكاية الأذان (1) أو تسميت العاطس (2)

   [ 459 ] مسألة 1 : يكره حبس البول أو الغائط (3) وقد يكون حراماً إذا كان مضرّاً (4) وقد يكون واجباً كما إذا كان متوضئاً ولم يسع الوقت للتوضؤ بعدهما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لرواية أبي بصير قال : «قال أبو عبدالله (عليه السلام) : إن سمعت الأذان وأنت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذن ، ولا تدع ذكر الله عزّ وجلّ في تلك الحال ، لأن ذكر الله حسن على كل حال» (1) وصحيحة محمد بن مسلم المروية عن العلل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قال له : يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال ، ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عزّ وجلّ وقل كما يقول المؤذن»(2) ورواية سليمان بن مقبل المديني قال : «قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) لأي علة يستحب للانسان إذا سمع الأذان أن يقول كما يقول المؤذن وإن كان على البول والغائط ؟ فقال : لأن ذلك يزيد في الرزق» (3) .

   (2) لرواية مسعدة بن صدقة عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال : «كان أبي يقول : إذا عطس أحدكم وهو على خلاء فليحمد الله في نفسه» (4) هذا إن اُريد بالتسميت تحميد العاطس نفسه ، وأما لو اُريد به ظاهره وهو الدعاء للغير عند العطاس ، فلم ترد رواية في استثنائه في المقام ، نعم يمكن أن يندرج تحت مطلق الذكر .

   (3) وفي الرسالة الذهبية: «ومن أراد أن لا يشتكي مثانته فلا يحبس البول ولو على ظهر الدابة»(5) وفي الفقه الرضوي : «وإذا هاج بك البول فبل» (6) هذا كله في البول ، وأما الغائط فلم نعثر على رواية تدل على كراهة حبسه ـ  ولو على مسلك القوم  ـ فلاحظ .

   (4) لا يمكن المساعدة على ما أفاده باطلاقه ، لأن الاضرار باطلاقه لم تثبت حرمته

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) ، (3) الوسائل 1 : 314 / أبواب أحكام الخلوة ب 8 ح 2 ، 1 ، 3 .

(4) الوسائل 1 : 313 / أبواب أحكام الخلوة ب 7 ح 9 .

(5) المستدرك 1 : 284 / أبواب أحكام الخلوة ب 29 ح 4 ، الرسالة الذهبية : 35 .

(6) المستدرك 1 : 284 / أبواب أحكام الخلوة ب 29 ح 5 ، فقه الرضا : 340 .

ــ[428]ــ

والصلاة وقد يكون مستحباً كما إذا توقف مستحب أهم عليه (1) .

   [ 460 ] مسألة 2 : يستحب البول (2) حين إرادة الصلاة وعند النوم ، وقبل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بدليل ، وإنما يحرم بعض المراتب منه كما إذا أدى إلى تلف النفس ونحوه .

   (1) وجوب الصلاة مع الطهارة المائية عند التمكّن من الماء وإن كان مما لا تردد فيه ، إلاّ أنه لا ملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ومقدّمته ، ولا وجوب شرعي للمقدّمة كما ذكرناه في محلِّه ، فلا وجه للحكم بوجوب الحبس من تلك الجهة ، وأما الحكم بوجوبه من جهة حرمة تفويت القدرة وعدم جواز تعجيز النفس عن الصلاة الاختيارية المأمور بها فهو أيضاً كسابقه ، لأن لازم ذلك الحكم بحرمة البول وترك الحبس لا الحكم بوجوب الحبس ، نعم لا مانع من الحكم بوجوبه عقلاً لعدم حصول الواجب إلاّ به ، ومن هذا يظهر الكلام في الحكم باستحباب حبس البول إن توقف عليه مستحب آخر أهم .

   (2) الموارد التي ذكرها الماتن (قدس سره) في هذه المسألة لم يثبت استحباب البول فيها بدليل ، نعم ورد في الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لابنه الحسن (عليه السلام) : «ألا اُعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب ؟ قال : بلى ، قال : لا تجلس على الطعام إلاّ وأنت جائع ، ولا تقم من الطعام إلاّ وأنت تشتهيه ، وجوّد المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء ، فاذا استعملت هذا استغنيت عن الطب» (1) وفي من لا يحضره الفقيه : «من ترك البول على أثر الجنابة أوشك تردّد بقيّة الماء في بدنه فيورثه الداء الذي لا دواء له» (2) وفي الجعفريات عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «إذا جامع الرجل فلا يغتسل حتى يبول مخافة أن يتردد بقية المني فيكون منه داء لا دواء له» (3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 24 : 245 / أبواب آداب المائدة ب 2 ح 8 ، الخصال 1 : 228 / 67 .

(2) الفقيه 1 : 46 .

(3) المستدرك 1 : 485 / أبواب الجنابة ب 37 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net