إجزاء مسح الرأس منكوساً - جواز المسح على شعر الرأس 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9597


ــ[127]ــ

 كذلك فيجزئ النكس (1) وان كان الأحوط خلافه ((1)) ، ولا يجب كونه على البشرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إجزاء النكس في مسح الرأس :

   (1) نسب إلى المعروف عدم كفاية النكس في مسح الرأس ، بدعوى أن المقدار المتيقن من المسح المأمور  به في الوضوء هو المسح من الأعلى إلى الأسفل والنكس مشكوك الجواز ، ومقتضى قاعدة الاشتغال عدم جواز الاكتفاء به في مقام الامتثال .

   ويردّه : أن النوبة لا تصل إلى الأصل العملي في المسألة حتى يتكلم في أن الأصل الجاري في المقام هل هو الاشتغال أو البراءة ، على ما قدمناه في بعض الأبحاث السابقة من أنه لا مانع من إجراء البراءة عند الشك في اعتبار شيء في الوضوء ، وذلك لأن مقتضى إطلاق الآية المباركة والروايات عدم الفرق بين المسح من الأعلى إلى الأسفل والنكس ، ولم يقيد المسح فيهما بأن يكون من الأعلى إلى الأسفل ، بل بعض الأخبار كالصريح في عدم اعتبار كون المسح من الأعلى إلى الأسفل ، وذلك كالروايتين المتقدمتين (2) الواردتين في من يتوضأ وعليه العمامة ، فان الأسهل لمن أدخل إصبعه تحت العمامة لأجل المسح إنما هو أن يمسح رأسه نكساً ، إذ المسح من الأعلى إلى الأسفل يحتاج إلى رفع العمامة زائداً على مقدار رفعها عند المسح نكساً وهو أصعب .

   ودعوى : أن المتعارف مسح الرأس من الأعلى إلى الأسفل وهو يوجب انصراف المطلقات إلى الفرد المتعارف ، مندفعة صغرى وكبرى :

   أمّا بحسب الصغرى ، فلأن المتعارف في غسل الوجه واليدين ولو لغير داعي الوضوء وإن كان هو الغسل من الأعلى إلى الأسفل كما ذكر ، إلاّ أن الأمر في المسح ليس كذلك قطعاً ، إذ ليس المتعارف فيه هو المسح من الأعلى إلى الأسفل فحسب ، بل كل من ذلك والنكس متعارفان .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يترك .

(2) في ص 123 .

ــ[128]ــ

   وأمّا بحسب الكبرى ، فلأجل أن تعارف أحد الفردين وغلبته غير موجبين لانصراف المطلق إلى الفرد الغالب ، فلو كان هناك انصراف فلا إشكال في أنه انصراف بدوي يزول بأدنى تأمل والتفات ، فالمطلق يشمل الفرد المتعارف وغيره على حد سواء ، هذا .

   وأضف إلى ذلك صحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «لا  بأس بمسح الوضوء مقبلاً ومدبراً» (1) لأنها كالصريحة في جواز المسح نكساً بلا  فرق في ذلك بين مسح الرأس وغيره .

   ولا يمنع عن الاستدلال بهذه الصحيحة روايته الاُخرى بعين السند المذكور في الصحيحة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «لا بأس بمسح القدمين مقبلاً ومدبرا» (2) وذلك لأن وحدة السند لا يقتضي الحكم بوحدة المروي أبداً ، لجواز أن يكون حماد قد سمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) روايتين : إحداهما عدم البأس في مسح الوضوء مطلقاً مقبلاً ومدبراً ، وثانيتهما : عدم البأس في مسح القدمين مقبلاً ومدبراً . ولا نلتزم بمفهوم اللقب ليتوهم أن الحكم بكفاية المسح مقبلاً ومدبراً في مسح القدمين دليل على عدم كفايتهما في مسح الرأس حتى يتحقق التنافي بين الروايتين وعليه فهما روايتان لا بدّ من العمل بكلتيهما في موردهما ، هذا كله بناء على أن الراوي في كلتا الروايتين هو حماد بن عثمان على ما هو الموجود في الطبعة الأخيرة من الوسائل .

   وأما بناء على أن الراوي في الرواية الاُولى هو حماد بن عيسى كما هو الموجود في غير الطبعة الأخيرة من الوسائل ، وبه صرح المحقق الهمداني (قدس سره) (3) بل ربما يحكى عن بعض نسخ التهذيب أيضاً ، فالأمر أسهل وأوضح لأنهما وقتئذ روايتان : إحداهما عن حماد بن عثمان ، وثانيتهما : عن حماد بن عيسى ، ولا نقول بمفهوم اللقب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 406 / أبواب الوضوء ب 20 ح 1 .

(2) الوسائل 1 : 406 / أبواب الوضوء ب 20 ح 2 .

(3) مصباح الفقيه (الطهارة) : 155 السطر 28 .

ــ[129]ــ

فيجوز أن يمسح على الشّعر النابت في المقدّم بشرط أن لا يتجاوز بمدّه عن حدّ الرأس فلا يجـوز المسح على المقـدار المتجـاوز وان كان مجتمعاً في الناصـية (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كي يتحقّق المعارضة بينهما ، إذن لا بدّ من العمل بكل منهما في موردهما .

   ونظير رواية حماد بن عيسى غيرها مما ورد في جواز النكس في مسح الرجلين ، لوضوح أنها غير منافية لصحيحة حماد بن عثمان الدالة على جواز النكس في مسح الوضوء . وعلى الجملة سواء صحت الطبعة القديمة من الوسائل ، ولم يقع خطأ من النساخ ، أو لم تصح بل كانت الطبعة الحديثة صحيحة والراوي في كلتا الروايتين كان هو حماد بن عثمان ، وكان الخطأ والاشتباه من النساخ ، لا بدّ من الأخذ بكلتا الروايتين ، والاستدلال بالصحيحة قد وقع في محلِّه ، هذا كله في أصل جواز النكس في المسح .

   وبعد ذلك يقع الكلام فيما ذكره بعضهم ، من أن المسح من الأعلى إلى الأسفل أفضل ، وهذا بظاهره مما لا دليل عليه ، اللّهمّ إلاّ أن يراد كونه أفضل بحسب العنوان الثانوي أعني الاحتياط ، ولا سيما إذا قلنا إن الاحتياط مستحب ، أو أحرزنا سيرة الأئمة (عليهم السلام) كما إذا علمنا أنهم كانوا مداومين في وضوءاتهم بالمسح من الأعلى إلى الأسفل ، فان التأسي بالأئمة (عليهم السلام) أمر راجح ولا إشكال في أنه أفضل من غيره ، إلاّ أن الكلام في إحراز ذلك وثبوت سيرتهم (عليهم السلام) على ذلك ، ودون إثباتها خرط القتاد .

   وأما ما عن بعضهم من الحكم بكراهة النكس في المسح ، فان أراد بذلك الكراهة في العبادات بمعنى أقلية الثواب فقد عرفت صحته ، لأن المسح من الأعلى إلى الأسفل أفضل وأكثر ثواباً وأرجح من النكس ولو بالعنوان الثانوي ، وإن أراد بالكراهة المرجوحية في نفسه فهو مما لم يقم دليل عليه .

    جواز المسح على الشّعر :

   (1) المسألة متسالم عليها بين الأصحاب (قدس سرهم) بل هي من المسائل

ــ[130]ــ

الضرورية ، والوجه فيه : أن الرأس ومقدمه وإن كان كالوجه واليدين وغيرهما من أسامي الأعضاء اسماً لنفس العضو والبشرة ، والشعر خارج عنهما لا محالة ، لأنه قد ينبت عليها الشعر وقد لا ينبت ، فلو كنّا نحن والدليل الدال على وجوب مسح الرأس أو مقدّمه لحكمنا بلزوم مسح البشرة نفسها وعدم كفاية المسح على الشعر النابت عليها ، ولكن القرينة الخارجية دلّتنا على جواز مسح الشعر وأنه كمسح نفس البشرة ، والقرينة هي أن الغالب الأكثر وجود الشعر على الرأس ومقدّمه بحيث يقع المسح على الشعر دائماً ، إلاّ في الأصلع ومن حلق رأسه قريباً ، فوقوع المسح على الشعر في الأغلب قرينة على إرادة الأعم من مسح الرأس ، ولولا هذه القرينة لما ساغ الاكتفاء بمسح الشعر أبداً كما لا يكتفى بغسله في الوجه واليدين إلاّ بدلالة دليل خارجي .

   وأمّا مرفوعة محمد بن يحيى عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في الذي يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء ، قال لا يجوز حتى يصيب بشرة رأسه بالماء» (1) فهي مضافاً إلى ضعف سندها بالرفع ، قاصرة الدلالة على لزوم مسح البشرة وعدم كفاية المسح على شعرها ، وذلك لأن البشرة في الرواية إنما ذكرت في مقابل الجسم الخارجي أعني الحناء ، لا في قبال الشعر النابت عليها ، فالمراد بالبشرة أعم من البشرة وشعرها ـ  قبالاً للجسم الخارجي  ـ  هذا كلّه في الشعر النابت على مقدّم الرأس الذي لا يخرج بمدّه عن حدّ الرأس .

   وأمّا الشعور النابتة على حوالي المقدم المتدلية إليه بطبعها وفي نفسها الخارجة بمدها عن حد الرأس والمسح كما إذا كانت مجعدة ، فربما يستشكل في الحكم بعدم الاجتزاء بمسحها بأنها معدودة من توابع المقدم والرأس ، فاطلاقات المسح على المقدم تعمها لا محالة ، لما عرفت من أن المراد منها ليس هو خصوص البشرة .

   ولكن الصحيح عدم جواز الاقتصار بمسحها ، لما عرفت من أن مقتضى الأدلة الآمرة بمسح الرأس والمقدّم إنّما هو وجوب مسح البشرة في نفسها ، والشعر خارج

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 455 / أبواب الوضوء ب 37 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net