صفحات من سيرة الشهيد المؤلّف قدس سره‌ 

الكتاب : فقه العترة في زكاة الفطرة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5674

صفحات من سيرة الشهيد المؤلّف قدس سره

[اسمه و نسبه]

هو العلّامة الحجة الشهيد السعيد المجاهد آية اللّٰه السيد محمّد تقي الحسيني الجلالي نجل الفقيد الراحل سماحة آية اللّٰه السيد محسن الحسيني الجلالي قدّس اللّٰه سرّهما.

ولد الشهيد في كربلاء المقدسة عام 1355 ه‍ في أُسره علمية عريقة، و قد نشأ في إحضان هذه الأُسرة الطيبة التي توارث أهلها طلب العلم و المعرفة و خدمة الدين و الشريعة كابراً عن كابر.

درس المقدّمات على شيوخ العلم بكربلاء ثم هاجر إلى النجف الأشرف، و عند ما أكمل السطوح العالية التحق بحلقات الأبحاث العليا (الخارج) فحضر فيها على كبار فقهائها و أساتذتها، و كان ملازماً لبحث آية اللّٰه العظمى السيد الحكيم قدس سره فقهاً، و لبحث آية اللّٰه العظمى السيد الخوئي قدس سره فقهاً و أُصولًا، كما حضر في تلك الفترة فقه آية اللّٰه السيد الفاني قدس سره.

حاز السيد الشهيد الجلالي قدس سره منزلة علمية بما حباه اللّٰه تعالى من ملكات و مواهب تتجلى بسعيه المضني و جهده المتواصل و عمله الدؤوب في مجال خدمة العلم و الدين، و قد نال إجازات و وكالات و شهادات عديدة من مشاهير علماء عصره.

تصدى لتدريس السطوح العالية فقهاً و أُصولًا عدة دورات فحضر لديه جمع غفير من طلبة العلوم كما انه شرع في آخر أيامه بتدريس خارج الفقه و الأُصول.

لقد كان رحمه اللّٰه ذا أخلاق حميدة، طيب النفس، كريم الطبع، حسن السيرة، لطيف المعشر لين العريكة، على جانب عظيم من التقى و الصلاح و الورع، و هو في سلوكه الاجتماعي في القمة من التهذيب.

آثاره العلمية:

إنّ العمل العلمي لم يكن يفارق الشهيد الجلالي (قده) حيث كان كثير الاشتغال بالتدريس و التحقيق و التأليف حتى إنه خلف مجموعة نفيسة من الآثار العلمية التي أرفد بها المكتبة الإسلامية، و هذه قائمة بمؤلّفاته المطبوعة:

1 تعليم الصلاة اليومية، عدّة طبعات، الأُولى سنة 1385 ه‍.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 4‌

2 كتاب الصوم، 3 طبعات، الأُولى سنة 1385 ه‍.

3 الصلاة اليومية و أحكامها، 4 طبعات، الأُولى سنة 1386 ه‍.

4 البداية في علمي النحو و الصرف، 3 طبعات، الأُولى سنة 1392 ه‍.

5 سيرة آية اللّٰه الخراساني الموجزة، طبع سنة 1393 ه‍.

6 موقف الحر الشهيد تجاه الإمام الحسين عليه السلام، طبع سنة 1394 ه‍.

7 تاريخ الروضة القاسمية، طبع سنة 1394 ه‍.

8 الأحكام الشرعية، طبع سنة 1395 ه‍ و سنة 1396 ه‍.

9 تقريب التهذيب، 3 طبعات، الأُولى سنة 1395 ه‍.

10 نزهة الطرف في علم الصرف، طبع سنة 1397 ه‍ و سنة 1399 ه‍.

11 زكاة الفطرة من فقه العترة، هذا الكتاب الذي نقدّم له.

12 جواهر الأدب في المبنيّ و المعرب، طبع سنة 1399 ه‍.

13 كفاية الحاج، طبع سنة 1400 ه‍.

أمّا مؤلّفاته المخطوطة فقد بلغت عناوينها أكثر من ثلاثين عنواناً، و تقع في أكثر من خمسين مجلّداً في مختلف العلوم الإسلامية.

مشاريعه الخيرية

كان السيّد الشهيد الجلالي قدس سره ذا همة عالية و نفسٍ مفعمة بالحيوية و النشاط و روحٍ كبيرة لم تعرف مللًا و لا ضجراً، فهو إلى جانب انهماكه في الشؤون العلمية كان مهتماً اهتماماً بالغاً بالمشاريع الخيرية التي من شأنها خدمة الدين الإسلامي الحنيف.

فكان يسعى جاهداً لإيجاد كل ما كان يراه ضرورياً لتعظيم شعائر اللّٰه و تهيئة الأرضية المناسبة لإيجاد الروحية العالية في النفوس، و لم يألُ جهداً في قضاء حوائج المؤمنين و إسداء المعونة إليهم، فكان من مشاريعه:

1 تأسيس الحوزة العلميّة في مدينة القاسم عليه السلام سنة 1385 ه‍ و قد أثمرت هذه الحوزة المباركة و أينعت و كانت موفقة في أهدافها، حيث تمكنت من إعداد جيل يعي مسؤولياته و واجباته الشرعية و قد تخرّج منها عدد من الفضلاء.

2 تأسيس المدرسة الدينية في مدينة القاسم عليه السلام و قد تم بنائها عام 1385 ه‍.

3 بناء حسينية ضخمة في الصحن الشريف للقاسم عليه السلام تقع في الجانب الغربي منه.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 5‌

4 بناء حسينية و مسجد في ناحية الطليعة بمحافظة بابل، و قد تم بنائها سنة 1388 ه‍.

5 بناء حسينية لأهالي القاسم في كربلاء المقدسة.

6 تأسيس مؤسسة قرض الحسنة لمساعدة و تسليف المعوزين.

7 تشكيل البعثات الدينية المتمثلة بإرسال مجموعة من المبلغين و المرشدين.

8 تشكيل هيئة التأليف و النشر و الترجمة في مكتبة الإمام الحكيم فرع القاسم عليه السلام.

جهاده ضدّ الظالمين الذي أدّى لاعتقاله و استشهاده لم يكن السيّد الشهيد الجلالي بعيداً عن الأحداث التي كانت تقع بين الفينة و الأُخرى؛ بل كان السيّد الشهيد قدس سره يتفاعل مع كل ما يستجد و يطرأ تفاعلًا مناسباً حسب ما يقتضيه الواجب الشرعي.

لقد كان أوّل ظهور للشهيد الجلالي قدس سره على الساحة بشكل علني و فعّال حينما قام بتأسيس الحوزة العلميّة في مدينة القاسم عليه السلام و بناء المدرسة الدينية الضخمة. و مشاريع دينية و اجتماعية اخرى أيقن الشهيد بضرورتها و مساس الحاجة إليها نظراً للأوضاع الراهنة آن ذاك.

و قد تنبّهت أجهزة النظام إلى موقعيّة الشهيد قدس سره الاجتماعية و العلمية من خلال نشاطاته المستمرة، و خدماته العلمية الجلية، مضافاً إلى ملازمته الوثيقة لمراجع عصره و اعتمادهم الكبير عليه حتى في الشؤون الخاصة.

و منذ ذلك الوقت بدأت مراقبته بصورة غير علنية، و قد استمر الوضع على هذه الحالة حتى اندلاع الحرب الظالمة التي شنّها طاغية العراق ضدّ الجمهورية الإسلامية، و في هذه الفترة الحسّاسة أصبح السيّد الشهيد قدس سره يشعر بمسؤولية ضخمة ملقاة على عاتقه و عاتق جميع رجال العلم من وجوب توعية الأُمّة و بيان ماهيّة النظام البعثي الفاسد.

كان الشهيد الجلالي و بالرغم من الظروف الأمنية الصعبة التي أحاطت به مهتمّاً بعوائل الشهداء و المعتقلين و المشرّدين ممّا أثار حقد و استياء السلطات عليه.

كل ذلك جعل النظام يشعر بأنّ الشهيد الجلالي يشكّل تهديداً مباشراً و خطراً كبيراً على مصالحه و أهدافه، و على أثرها استدعي إلى مديرية الأمن، حيث هدّدوه و توعّدوه شرّاً، إلّا أن ذلك لم يثن عزم الشهيد بل مضى قدماً في جهاده الذي أقضَّ مضاجعهم.

و هكذا واصل الشهيد الجلالي بكل عزم و حزم وقوفه أمام التيار البعثي البغيض الهادف‌

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 6‌

إلى محو الإسلام و إبادة المسلمين، و قد تلقّى جرّاء ذلك التهديدات التي اشتدت في الآونة الأخيرة متزامنةً مع تكثيف رجال الأمن المضايقات حول السيّد الشهيد و رصد تحركاته بحيث وضعت داره في النجف الأشرف تحت المراقبة العلنية كما هو الحال بالنسبة إلى محل إقامته في مدينة القاسم عليه السلام.

و في صباح يوم الخميس من ذي الحجّة عام 1401 ه‍ و على جاري عادته غادر السيّد الشهيد رحمه الله النجف الأشرف بصحبة أحد تلامذته متجهاً نحو مدينة القاسم عليه السلام ليشرف عن كثب على وضع الحوزة العلمية التي أسسها هناك و على الوضع الاجتماعي و الديني و في أثناء طريقه بين الكوفة و الحلة اعترضت سيارات أمن النظام السيارة التي كانت تُقل الشهيد الجلالي، و تمت عملية اعتقاله و من ثمّ نقل إلى بغداد، و قد دام اعتقاله رحمه الله قرابة التسعة أشهر تعرّض خلالها إلى أبشع أنواع التعذيب الجسدي و الروحي، و في إحدى ليالي الجمعة لبى نداء ربه الكريم و عرجت روحه الطاهرة إلى جنان الخلد، حشره اللّٰه مع الأنبياء و الشهداء و حسن أُولئك رفيقاً، و نقل جثمانه الطاهر إلى وادي السلام، تحت مراقبة أمنية شديدة، و أُودع الثرى في ليلة الرابع من شهر رمضان المبارك سنة 1402 ه‍، من دون تشييع أو أي مراسم اخرى.

و كان لاستشهاده رحمه الله أثر الفاجعة البالغ في النفوس خاصّةً أهل العلم و طلّابه و محبّيه.

و قد رثاه الشعراء بمقاطع شعرية شجية لا مجال لسردها.

لقد قدر اللّٰه تعالى لهذا العالم المجاهد أن يبقى خالداً بحياته المشرفة التي كانت سلسلة طويلة من العلم و العمل و الإرشاد و التضحية تلك الحياة الكريمة التي بدأها بالسعي، و أدامها بالجهاد، و ختمها بالشهادة.

فالسلام عليه يوم ولد و يوم استشهد و يوم يبعث حياً «1»

______________________________
(1) و قد قام بعض تلامذة السيّد الشهيد الجلالي (قدّس سرّه) بدراسة مفصّلة عن حياته و أعماله، و عن نشاطاته و اعتقاله و مقاومته حتى شهادته و ما قيل فيه من النثر و الشعر، و هو في قيد الإعداد.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net