السادس و السابع الكلب و الخنزير 

الكتاب : فقه الشيعة - كتاب الطهارة ج‌3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 14507

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 63‌

[السادس و السابع الكلب و الخنزير]

نجاسة الكلب و الخنزير

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 64‌

..........

______________________________
نجاسة الكلب و الخنزير البرّيّين. حكم البحريّين منهما. نجاسة ما لا تحلّه الحياة من الكلب و الخنزير. حكم المتولّد منهما. المتولّد من أحدهما و من حيوان طاهر.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 65‌

«السادس، و السابع»: الكلب و الخنزير البريّان (1).

______________________________
(1)
نجاسة الكلب و الخنزير البريّين لا خلاف بيننا في نجاسة الكلب و الخنزير في الجملة، و هو الّذي استقر عليه مذهب الشيعة «1». نعم خالف السيّد المرتضى «قده» فيما لا تحله الحياة منهما، كالشعر، و العظم، و نحوهما. و عن الصدوق «قده»: القول بالفرق بين كلب الصيد و غيره، فقال بكفاية الرش في تطهير ملاقي الأوّل، و لزوم الغسل في ملاقي الثاني. و الصحيح نجاستهما مطلقا.

نجاسة الكلب.

أما الكلب فقد استفاضت بل تواترت الروايات على نجاسته، على مضامين مختلفة ففي بعضها «2» الأمر بغسل الثوب الملاقي له برطوبة و في‌

______________________________
(1) و أما العامة فقد اختلفوا في نجاستهما فذهبت المالكية إلى القول بطهارتهما و الحنفية إلى القول بطهارة الكلب و نجاسة الخنزير و ذهبت الشافعية و الحنابلة إلى القول بنجاستهما.

قال في متن كتاب الفقه على المذاهب الأربعة- ج 1 ص 16، الطبعة الخامسة:- «و منها- يعنى من النجاسات- الكلب و الخنزير، و ما تولد منهما أو من أحدهما و لو مع غيره. و قال في تعليقته- في بيان اختلاف المذاهب- المالكية قالوا: كل حي طاهر و لو كلبا أو خنزيرا، و وافقهم الحنفية على طهارة عين الكلب ما دام حيا على الراجح الا ان الحنفية قالوا بنجاسة لعابه حال الحياة تبعا لنجاسة لحمه بعد موته، فلو وقع في بئر و خرج حيا و لم. يصب فمه لم يفسد الماء و كذا لو انتفض من بلله فأصاب شيئا لم ينجسه.» و يلوح ثبوت الاختلاف في نجاستهما عندهم مما ذكره ابن رشد- في بداية المجتهد ج 1 ص 78- حيث يقول ما محصله: «ان العلماء قد اتفقوا على نجاسة أربعة أشياء من أعيان النجاسات. الميتة، و لحم الخنزير، و الدم، و بول ابن آدم و رجيعه. و أما باقي أعيانها فقد اختلفوا في نجاستها» فراجع. و راجع أيضا كتاب خلاف الشيخ «قده» ج 1 ص 47 م 131 و كذا تذكرة العلامة ص 7 طبعة مكتبة المرتضوية و في نقلهما لأقوال العامة اختلاف في الجملة.

(2) كما في صحيح الفضل بن العباس. قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله.»- وسائل الشيعة ج 1 ص 225: الباب 1 من أبواب الأسئار، الحديث: 1.

و في ج 3 ص 414 الباب: 12 من النجاسات، الحديث: 1.

و عن خصال الصدوق- في الصحيح- بإسناده عن على عليه السّلام «في حديث الاربعماءة» قال: «تنزهوا عن قرب الكلاب، فمن أصاب الكلب و هو رطب فليغسله» وسائل الشيعة ج 3 ص 417 في الباب المتقدم، الحديث: 11.

و كذا مرسلة حريز و رواية قاسم عن على عن أبى عبد اللّه عليه السّلام المرويتان في الوسائل ج 3 ص 441 في الباب: 26 من أبواب النجاسات الحديث: 3، 4.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 66‌

..........

______________________________
آخر
«1»: أنه رجس نجس. و في ثالث «2»: هو نجس، يقولها ثلاثا. و في رابع «3»: لا و اللّه انه نجس، لا و اللّه انه نجس و في خامس «4»: الأمر بغسل الإناء الّذي يشرب منه.

و في سادس «5»: النهي عن الشرب من سؤره. و في سابع «6»:

______________________________
(1) كما في صحيح أبى العباس «في حديث»: «انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكب، فقال: رجس نجس، لا يتوضأ بفضله.» وسائل الشيعة ج 3 ص 415: الباب 12 من أبواب النجاسات، الحديث: 2، و في ج 3 ص 413 الباب: 11 منها، الحديث: 1.

(2) عن أبى سهل القرشي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لحم الكلب، فقال: هو مسخ. قلت: أ هو حرام؟ قال: هو نجس، أعيده (ها) عليه ثلاث مرات، كل ذلك يقول: هو نجس» وسائل الشيعة ج 3 ص 416: الباب 12 من النجاسات، الحديث: 10.

(3) عن معاوية بن شريح عن أبى عبد اللّه عليه السّلام في حديث: «انه سئل عن سؤر الكلب، يشرب منه، أو يتوضأ؟ قال: لا. قلت: أ ليس هو سبع؟ قال: لا و اللّه، انه نجس، لا و اللّه، انه نجس» وسائل الشيعة ج 3 ص 415 في الباب المتقدم، الحديث 6.

(4) كصحيح محمد بن مسلم عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الكلب يشرب من الإناء. قال: اغسل الإناء.» وسائل الشيعة ج 3 ص 415 الباب 12 من أبواب النجاسات، الحديث: 3.

(5) كموثق أبى بصير عن أبى عبد اللّه عليه السّلام «في حديث» قال: «لا يشرب سؤر الكلب، الا ان يكون حوضا كبيرا يستقى منه». وسائل الشيعة ج 3 ص 416: في الباب المتقدم، الحديث: 7.

(6) كصحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكلب السلوقي.

فقال: إذا مسته فاغسل يدك و عنه عن أبى عبد اللّه عليه السّلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل؟ قال: يغسل المكان الذي أصابه». وسائل الشيعة ج 3 ص 416 في الباب المتقدم، الحديث: 9، 8. صحيحة.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 67‌

..........

______________________________
الأمر بغسل اليد، أو الجسد عند مسه. و في ثامن
«1»: الأمر بصب فضله من الماء.

نعم: ورد في الأخبار ما ظاهره المنافاة للحكم المذكور. ك:

صحيحة ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الوضوء مما ولغ الكلب فيه و السنّور، أو شرب منه جمل أو دابّة، أو غير ذلك، أ يتوضأ منه، أو يغتسل قال: نعم. الا ان تجد غيره فتتنزّه عنه» «2».

و قد يتوهم: ان مقتضى الجمع بينها و بين الأخبار المتقدمة هو الحمل على التنزه، و استحباب غسل ملاقي الكلب برطوبة. كما حمل الأمر برش الملاقي له مع اليبوسة في بعض الأخبار «3» على الاستحباب، بقرينة ما دل من الروايات «4» على عدم تعدّي النجاسة مع اليبوسة تقديما للنص على الظاهر.

______________________________
(1) كصحيحة أبي العباس «في حديث»: انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكلب.

فقال: رجس نجس، لا يتوضأ بفضله، و اصبب ذلك الماء.». وسائل الشيعة ج 3 ص 415 في الباب المتقدم، الحديث: 2.

(2) وسائل الشيعة ج 1 ص 228: الباب 2 من أبواب الأسئار، الحديث: 6.

(3) كرواية الصدوق في الخصال «في حديث الأربعمائة»- في الصحيح- عن على- عليه السّلام- قال: «تنزهوا عن قرب الكلاب فمن أصاب الكلب- و هو رطب- فليغسله و ان كان جافا فلينضح ثوبه بالماء.» وسائل الشيعة ج 3 ص 417: الباب 12 من أبواب النجاسات، الحديث: 11.

و كصحيحة أبي العباس، المروية الوسائل ج 3 ص 415 الباب المتقدم الحديث: 1، و صحيحة على بن جعفر، و رواية قاسم عن على عن أبى عبد اللّه عليه السّلام و مرسلة حريز عمن أخبره عن أبى عبد اللّه- ع، المرويات في الوسائل ج 3 ص 441 في الباب 26 من أبواب النجاسات، الحديث: 7، 4، 3.

(4) كالروايات المروية في وسائل الشيعة ج 3 ص 443 في الباب 26 من أبواب النجاسات، الحديث 8، 9، 11، 12، 14، 16. و كقوله عليه السّلام: «كل شي‌ء يابس زكى» في موثقة عبد اللّه بن بكير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يبول، و لا يكون عنده الماء، فيمسح ذكره بالحائط. قال: كل شي‌ء يابس زكى» المروية في وسائل الشيعة ج 1 ص 351 في الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة، الحديث: 5. و هي من جهة مسح الذكر بالحائط محمولة اما على التقية، لأنه عادة المخالفين- كما قيل- أو على الجواز من جهة عدم تعدى النجاسة، و ان لم تحصل الطهارة. و كيف كان فلا يضر بالاستشهاد بقوله عليه السّلام: «كل شي‌ء يابس زكى» على المقصود.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 68‌

..........

______________________________
أقول: بعد قيام ضرورة المذهب، و صراحة الروايات المتقدمة على النجاسة- و لا سيّما مع يمين الامام عليه السّلام على ذلك لا يصح الحمل على التنزه، و الاستحباب.

و عن الشيخ «قده»: دفع المعارضة بحمل صحيحة ابن مسكان على الماء الكثير البالغ حدّ الكر، مستشهدا له ب‍ موثقة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام. و فيها: «لا يشرب من سؤر الكلب، إلّا ان يكون حوضا كبيرا يستقى منه» «1».

و لم يستبعده المحقق الهمداني «قده» «2»، لقوة احتمال ورودها في مياه الغدران الّتي تزيد غالبا عن الكر.

كما استجوده صاحب الحدائق «قده» «3»، قائلا: «ما ذكره الشيخ جيّد، فان ظاهر الخبر: أن هذا الماء من مياه الطرق المشاعة، و قد أوضحنا في بحث الماء القليل انها لا تنقص عن كر، فضلا عن كرور. و ما قدر الكر فإنه لا يأتي على شرب جمل، كما ذكر في الخبر.»‌

و لا يخفى أنه- مع قطع النظر عن ضعف الجمع المذكور في نفسه، لأنّه‌

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 1 ص 226 الباب 1 من أبواب الأسئار، الحديث: 7.

(2) في مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص 544.

(3) ج 5 ص 206، 207 طبعة النجف الأشرف.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 69‌

..........

______________________________
أشبه بالجمع التبرّعي بين الأخبار، لو لا ملاحظة القرائن الداخلية في نفس الصحيحة- لا بد: أولا من تقييد إطلاق الصحيحة بما دل على انفعال الماء القليل بملاقاة الكلب، كالروايات
«1» الإمرة بغسل الإناء الّذي شرب منه الكلب، و الناهية «2» عن الشرب من سؤره- و كذا نفس رواية أبي بصير- فإن الأمر أو النهي في أمثال المقام يكون إرشادا إلى تنجس الملاقي، فمقتضى صناعة الجمع بين الأخبار هو حمل المطلق على المقيد، فبقرينة الروايات الخاصة تحمل الصحيحة على الماء الكثير.

و ثانيا: انّه لو سلم ان مورد الصحيحة هو الماء القليل فلا نسلم معارضتها للروايات المتقدمة الدالّة على نجاسة الكلب، إذ نهاية ما هناك دلالتها على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة الكلب، و ذلك لا ينافي ثبوت نجاسته بدليل آخر. فلتكن هذه الصحيحة من الروايات الّتي توهم دلالتها على عدم انفعال الماء القليل، الّتي تقدم الجواب عنها في بحث المياه «3».

فتحصّل من جميع ما ذكرناه: انه لا ينبغي التشكيك في نجاسة الكلب، و لا فرق بين كلب الصيد و غيره للإطلاق.

و ذهب الصدوق «قده» إلى القول بعدم وجوب غسل ملاقي كلب الصيد حيث انه فرّق بينه و بين غيره من الكلاب، و قال: «و من أصاب ثوبه كلب جاف فعليه أن يرششه بالماء، و ان كان رطبا فعليه أن يغسله. و ان كان كلب صيد، و كان جافا فليس عليه شي‌ء، و ان كان رطبا فعليه ان يرششه بالماء.» «4».

______________________________
(1) المتقدمة في ص 67- 66.

(2) المتقدمة في ص 67- 66.

(3) راجع القسم الثاني من ج 1 من هذا الكتاب ص 127- 132.

(4) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 43. طبعة دار الكتب الإسلامية. الطبعة الخامسة.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 70‌

..........

______________________________
و هذا القول مما لم يظهر لنا وجهه، بل يدفعه أوّلا: إطلاق الروايات المتقدمة الدالّة على نجاسة الكلب مطلقا. و ثانيا: خصوص.

صحيح محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن الكلب السلوقي. قال إذا مسسته فاغسل يدك» «1» هذا كله في الكلب.

نجاسة الخنزير.

و أما الخنزير فيدل على نجاسته- بعد الإجماع، و تسالم الأصحاب- الروايات المستفيضة:

منها: صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله، فذكر و هو في صلاته، كيف يصنع به؟ قال: ان كان دخل في صلاته فليمض، فان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه. إلّا ان يكون فيه أثر فيغسله. قال: و سألته عن خنزير يشرب من إناء، كيف يصنع به؟ قال: يغسل سبع مرّات» «2».

و منها: رواية خيران الخادم قال: «كتبت إلى الرجل عليه السّلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر، و لحم الخنزير، أ يصلي فيه أم لا؟ فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: فان اللّه انما حرّم شربها. و قال بعضهم: لا تصل فيه. فكتب عليه السّلام: لا تصل فيه، فإنه رجس.» «3».

و منها: رواية سليمان الإسكاف قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام‌

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 3 ص 416 الباب 12 من أبواب النجاسات. الحديث: 9.

(2) وسائل الشيعة ج 3 ص 417 الباب 13 من أبواب النجاسات. الحديث: 1.

و لا بد من حمل قوله عليه السّلام: «ان كان دخل في صلاته فليمض.» على صورة ما إذا كانت الإصابة بغير رطوبة بقرينة قوله عليه السّلام: «الا ان يكون فيه اثر فيغسله».

(3) وسائل الشيعة ج 3 ص 418 في الباب المتقدم. الحديث: 2. ضعيفة بسهل بن زياد.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 71‌

دون البحري منهما (1)

______________________________
عن شعر الخنزير يخرز به. قال: لا بأس به، و لكن يغسل يده إذا أراد أن يصلّي»
«1».

إلى غير ذلك من الأخبار «2» الدالّة على نجاسته.

و هناك روايات ربما توهم الدلالة على عدم نجاسته، و نذكرها مع الجواب عنها بعيد هذا- إنشاء اللّه تعالى- عند البحث عمّا لا تحله الحياة من الكلب و الخنزير، ردا على ما حكى عن السيد المرتضى «قده» من القول بطهارته منهما،

(1) الكلب و الخنزير البحريّان المشهور عند الأصحاب طهارة الكلب و الخنزير البحريّين. و عن ابن إدريس القول بنجاستهما بدعوى: صدق الاسم عليهما فيشملهما أدلّة النجاسة.

و الصحيح ما عليه المشهور. أما أولا: فلمنع صدق الاسم عليهما، و انما يطلق عليهما اللفظ مجازا لعلاقة المشابهة في بعض الوجوه، و ذلك لأن طبيعة الأسماك البحريّة مغايرة للماهيّة المعهودة المسماة باسم الكلب أو الخنزير، و نهاية ما هناك التشابه في الصورة، و هذا كما يقال للتمساح أسد البحر، و لبعض الأسماك بقر البحر، و لبعضها إنسان البحر، نظير إطلاق الأسد على العنكبوت، فيقال: إنه أسد الذباب، لأنه يفترس الذباب كما يفترس‌

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 3 ص 418 في الباب المتقدم. الحديث: 3. ضعيفة بسليمان الإسكاف، لأنه مجهول.

(2) راجع وسائل الشيعة ج 1 ص 179 في الباب: 15 من أبواب الماء المطلق. الحديث: 3.

و ج 1 ص 225 الباب: 1 من الأسئار. الحديث: 2. و ج 3 ص 442 الباب 26 من النجاسات. الحديث:

6. و ج 3 ص 458، 32 منها. الحديث: 3. و غير ذلك.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 72‌

و كذا رطوباتهما و أجزائهما (1) و ان كانت مما لا تحله الحياة،

______________________________
الأسد باقي الحيوانات. فإذا لا يشملهما ما دلّ على نجاسة الكلب و الخنزير، لأنهما من قبيل الأسماك، فتكونان مغايرتين للبريّين في أصل الخلقة و الطبيعة.

نعم: يصدق عليهما الاسم- على وجه الحقيقة- مع الإضافة إلى البحر، و ذلك كماء الرمان، فان لفظ الماء بإطلاقه يكون مجازا فيه، لكنه مع الإضافة إلى الرّمان يكون الإطلاق حقيقيّا، إلّا ان ذلك لا يجدي في شمول أحكام الماء له.

و ثانيا: لو سلمنا صحة الإطلاق عليهما حقيقة فلا تخلو الحال من ان يكون على وجه الاشتراك اللفظي، أو المعنوي. و لا يتم المطلوب على كلا الاحتمالين.

أمّا الأوّل فلأن استعمال المشترك في معنيين و إن كان ممكنا- على ما حققناه في الأصول- و لكنه يحتاج إلى القرينة، و لا قرينة في المقام، و القدر المتيقن ارادة البرييّن منهما.

و أمّا الثاني فلوجهين: الأول: ما قيل من الانصراف إلى البحري:

و لكن عهدة هذه الدعوى على مدّعيها. و الثاني:

صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام رجل و أنا عنده عن جلود الخزّ. فقال: ليس بها بأس. فقال الرجل. جعلت فداك. إنها علاجي (في بلادي)، و انما هي كلاب تخرج من الماء. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا. فقال: ليس به بأس» «1».

و في التعليل إشارة إلى طهارة الخنزير البحري ايضا.

(1) لشمول إطلاق الأدلة لهما.

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 4 ص 362 الباب 10 من أبواب لباس المصلى. الحديث: 1.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 73‌

كالشعر، و العظم، و نحوهما (1).

______________________________
(1)
ما لا تحله الحياة من الكلب و الخنزير المشهور عند الأصحاب «قدس سرهم» نجاسة الكلب و الخنزير بجميع اجزائهما حتّى ما لا تحله الحياة- كالشعر و العظم و نحوهما- و ذلك لإطلاق أدلة نجاستهما، بل الغالب المماسة باليد و البدن- التي هي كموضوع في دليل النجاسة- مع شعرهما.

و لم ينقل «1» الخلاف في ذلك إلّا عن السيّد المرتضى «قده» و جدّه في المسائل الناصريّة و استدل على ذلك بالإجماع، و بنفي الجزئية حيث قال في محكي «2» كلامه «و ليس لأحد ان يقول انّ الشعر و الصوف من جملة الخنزير و الكلب، و هما نجسان و ذلك انه لا يكون من جملة الحي إلا ما تحله الحياة، و ما لا تحله الحياة ليس من جملته و ان كان متصلا به.».

و من المعلوم فساد كلا الوجهين. أما الإجماع فمنعقد على خلافه، لما أشرنا إليه من عدم نسبة القول بالطهارة إلا إليهما. و أما نفي الجزئية فهو خلاف اللغة، و العرف، و الشرع، فالحكم المترتب على عنوان الكب أو الخنزير يعمّهما بجميع أجزائهما حتى الشعر و نحوه مما هو متصل بهما.

و قد نسب إليه «3» الاستدلال على الطهارة بوجه ثالث، و هو قياس ما لا تحله الحياة منهما على ما لا تحله الحياة من الميتة، فكما لا نقول بالنجاسة فيها لا نقول بها فيهما. فان تمت النسبة ففساده ظاهر، لأن نجاسة الكلب و الخنزير ذاتية تشملهما بجميع أجزائهما حيين أو ميّتين، بخلاف الميتة، فإن النجاسة تعرضها بالموت، و هو لا يعم ما لا حياة فيه.

______________________________
(1) في الحدائق ج 5 ص 208. طبعة النجف الأشرف.

(2) في الحدائق ج 5 ص 208. طبعة النجف الأشرف.

(3) كما عن المدارك. لا حظ الحدائق ج 5 ص 209. طبعة النجف الأشرف.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 74‌

..........

______________________________
و كان الاولى به «قده» الاستدلال بروايات ربما توهم الدلالة على مطلوبه، فتكون وجها رابعا للقول بالطهارة. و هي عدّة روايات اشتملت على نفي البأس بالاستقاء بشعر الخنزير، أو جلده بضميمة عدم القول بالفصل بينه و بين الكلب، إلّا أنها أيضا مردودة بما ستعرف.

منها: صحيح زرارة عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير، يستقي به الماء من البئر، هل يتوضأ من ذلك الماء؟

قال: لا بأس» «1».

و لكن لا يمكن الاستدلال بهذه الصحيحة على طهارة شعر الخنزير.

أمّا أولا: فلاحتمال أن يكون السؤال فيها عن مجرد الانتفاع بشعر الخنزير المفروض نجاسته- و لا سيما في مقدمات العبادة- كالوضوء- حتّى مع فرض العلم بعدم ملاقاته لماء الدلو بفصل حبل آخر، أو غيره. أو عن حكم صورة الشك في ملاقاته له. و أمّا احتمال ان يكون السؤال عن حكم ماء البئر نفسه- كما قيل- «2» فبعيد عن مساق الرواية.

و أمّا ثانيا فلأنّ نهاية ما هناك أنها تدل على عدم انفعال الماء القليل الّذي في الدّلو بملاقاة النجس لو فرض العلم بالملاقاة و لا تدل على عدم نجاسة الحبل المصنوع من شعر الخنزير، فتكون هذه الرواية في عداد الروايات الدالة على عدم انفعال الماء القليل و قد تقدم «3» الجواب عنها. و بالجملة لا يصح الاستدلال بهذه الرواية على جميع الفروض الثلاثة و هي‌

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 1 ص 170 الباب 14 من أبواب الماء المطلق. الحديث: 2.

(2) قاله صاحب الوسائل في ذيل الحديث و نص ما قال: «الظاهر ان المراد بذلك الماء البئر لا ماء الدلو.»

(3) ج 1 من هذا الكتاب في القسم الثاني ص 137- الطبعة الأولى.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 75‌

..........

______________________________
العلم بملاقاة ماء الدلو للحبل المذكور، و الشك فيها، و العلم بعدمها.

و منها: روايته الأخرى- الواردة في جلد الخنزير- قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن جلد الخنزير، يجعل دلوا، يستقى به الماء. قال: لا بأس» «1».

و فيها أولا: أنّها ظاهرة في السؤال عن حكم الانتفاع بجلد الخنزير من حيث أنّه نجس العين أو ميتة و قد يحتمل عدم جواز الانتفاع به من هذه الجهة فأجابه الإمام عليه السّلام بعدم البأس و يحتمل أيضا أن يكون السؤال عن حكم البئر نفسها فتكون من أدلة عدم انفعال ماء البئر بملاقاة النجس.

و ثانيا: لو سلّم أنّ السؤال كان عن حكم ماء الدلو كان نفي البأس دالا على عدم انفعاله بملاقاة جلد الخنزير، لا على طهارة نفس الجلد فتكون من أدلّة عدم انفعال الماء القليل لا من أدلة طهارة جلد الخنزير أو شعره «2».

و منها رواية حسين بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام- في حديث- قال: «قلت له شعر الخنزير يعمل حبلا، و يستقي به من البئر الّتي يشرب منها أو يتوضأ منها فقال: لا بأس به» «3».

و هذه- مع ضعف سندها بحسين بن زرارة، لعدم توثيقه في الرجال، و مجرّد دعاء الامام عليه السّلام في حقه لا يدل على وثاقته- قاصرة الدلالة‌

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 1 ص 175 الباب 14 من أبواب الماء المطلق. الحديث: 16.

(2) أقول: لو تمت دلالة هذه الرواية على طهارة جلد الخنزير و أغمضنا النظر عما ذكر في الشرح كانت دالة على طهارة ما تحله الحياة منه- اعنى الجلد- و هذا مما لم يقل به أحد من أصحابنا حتى السيد المرتضى «قده» فإنه انما يقول بطهارة ما لا تحله الحياة من الخنزير و الكلب، فإذا تكون الرواية مطروحة عند الجميع، و يحتمل صدورها تقية لذهاب جملة من العامة إلى طهارتهما- كما تقدم في تعليقة ص 75.

(3) وسائل الشيعة ج 1 ص 171 الباب: 14 من أبواب الماء المطلق. الحديث: 3.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 76‌

و لو اجتمع أحدهما مع الأخر، أو مع آخر، فتولد منهما ولد، فان صدق عليه اسم أحدهما تبعه، و ان صدق عليه اسم أحد الحيوانات الأخر، أو كان مما ليس له مثل في الخارج كان طاهرا (1).

______________________________
ايضا، لظهورها في كون السؤال عن حكم ماء البئر بعد ملاقاته لشعر الخنزير، بقرينة تأنيث الضمير و التوصيف بكلمة «التي». فلا تدل على طهارة شعره إن لم تكن دالة على نجاسته، لأنّ السؤال عن حكم ماء البئر، و بقائه على الطهارة إنّما يتجه مع نجاسة الملاقي له دون طهارته.

ثمّ انّه حكي في الحدائق «1» رواية أخرى في المقام في جلد الخنزير، و عبّر عنها بموثقة حسين بن زياد عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به من البئر الّتي يشرب منها، أو يتوضأ منها. قال:

لا بأس».

و قد أسندها المحقق الهمداني «2» إلى حسين بن زرارة. لكنّا لم نجد رواية بهذا السند و المتن في كتب الحديث. و لعلّ المحقق الهمداني «قده» اعتمد على نقل الحدائق مع إبدال زياد بزرارة. و كيف كان فهي أيضا قاصرة الدلالة، كسابقتها.

فتحصل من جميع ما ذكرناه: أنه لا يتم ما ذهب إليه السيد «قده» بوجه، لعدم تمامية ما استدل به هو «قده» أو استدل له غيره على طهارة ما لا تحله الحياة من الكلب و الخنزير. بل قام الدليل على خلاف ما ذهب إليه.

(1) إذا صدق اسم خاص على المتولد من الكلب و الخنزير، أو من أحدهما و حيوان آخر تبعه حكمه تبع الحكم لموضوعه. من دون فرق في‌

______________________________
(1) ج 5 ص 207. طبعة النجف الأشرف.

(2) كتاب الطهارة من مصباح الفقيه ص 545.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 77‌

و ان كان الأحوط الاجتناب عن المتولد منهما إذا لم يصدق عليه اسم أحد الحيوانات الطاهرة (1).

______________________________
ذلك بين ما إذا صدق عليه اسم أحدهما فيحكم بنجاسته، أو اسم حيوان آخر طاهر فيحكم بطهارته. فلو فرض صدق اسم الهرة- مثلا- على المتولد منهما يحكم بطهارته، لا طلاق دليل طهارتها، و لا عبرة بالأصل، إذا لا دليل على التبعيّة في المقام. كما هو الحال في عكس ذلك، كما إذا تولد كلب من شاتين.

و أمّا إذا لم يصدق عليه عنوان خاص- كما إذا لم يكن له مثل في الخارج- فالأقوى طهارته أيضا، لقاعدتها الجارية في كلّ ما شك في طهارته و نجاسته. هكذا أفاد في المتن، و عليه الأكثر.

و لكن لا بدّ من استثناء صورة واحدة، و هي ما إذا عدّ المتولد ملفقا منهما عرفا «1» كما إذا كان رأسه شبيها بالكلب، و بدنه شبيها بالخنزير- مثلا- لأن المركّب من نجسين. أيضا محكوم بالنجاسة بمقتضى الفهم العرفي من أدلة نجاسة أجزائه. كما هو الحال في المركّب من سائر النجاسات، كالمركّب من البول و الدّم- مثلا- إذا امتزج أحدهما بالاخر، و كذلك المركب من أجزاء محرّمين و ان لم يصدق على المركب عنوان أحد النجاسات أو المحرّمات.

فاستعمال الانية المصوغة من الذهب و الفضة يكون محرما، لحرمة استعمال كلّ من اجزائها، و إن لم يصدق على المجموع اسم الذهب أو الفضة منفردا.

(1) قد عرفت- آنفا- أن الأقوى هو الحكم بالطهارة فيما إذا لم يصدق على المتولد منهما أو من أحدهما عنوان الكلب أو الخنزير. و لكن‌

______________________________
(1) و من هنا جاء في تعليقته دام ظله على قول المصنف «قده» في المسألة: «و ان كان الأحوط الاجتناب». «بل الأظهر ذلك فيما إذا عد المتولد ملفقا منهما عرفا».

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 78‌

..........

______________________________
حكى عن الشهيدين في الذكرى و الروض: الحكم بنجاسة المتولد من النجسين، و إن باينهما في الاسم. و المحكي عن المحقق الثاني موافقتهما على ذلك، إلّا فيما إذا صدق عليه اسم حيوان طاهر، و مال إلى ذلك شيخنا الأنصاري «قده» في كتاب الطهارة. و كيف كان فما يمكن أن يستدل به للقول بالنجاسة وجوه:

الوجه الأول: تبعية الولد لأبويه في النجاسة، حيث يلوح ذلك من كلام الشهيد في محكي الذكرى. قال: «المتولد من الكلب و الخنزير نجس في الأقوى، لنجاسة أصلية.».

و فيه: أنه لا دليل على هذه التبعية، و إنّما المتبع أدلّة نجاسة الحيوانات بعناوينها و أسمائها، و مع عدمها يرجع إلى قاعدة الطهارة.

الوجه الثاني: استصحاب النجاسة الحاكم على قاعدة الطهارة. و تقريبه من وجهين.

أحدهما: استصحاب نجاسته حال كونه علقة، لكونها دما، و الدّم نجس. و من المعلوم عدم اختصاص هذا الوجه بالمتولد من نجسين، بل يجري أيضا فيما إذا كان أحدهما نجسا، و الأخر طاهرا. و قد اعتمد على هذا الوجه بعض من حكم بنجاسة أولاد الكفار. و كأنه أصل كلي يبنى عليه فيما إذا لم يكن دليل على طهارة حيوان بخصوصه.

و يدفعه أولا: أنه من الاستصحاب في الشبهات الحكمية، و لا نقول به، كما مرّ غير مرّة و ثانيا: أنه يكون من إسراء حكم من موضوع إلى آخر، لانتفاء وحدة الموضوع المعتبرة في صحة الاستصحاب، إذ الولد غير العلقة قطعا.

ثانيهما: استصحاب نجاسته حال كونه مضغة أو جنينا في بطن أمّه قبل‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 79‌

..........

______________________________
ولوج الرّوح، لأنه جزء من امّه، فيكون محكوما بحكمها، فيحكم بنجاسته حتّى بعد و لوج الروح فيه.

و فيه: أولا: ما ذكرناه آنفا، من منع جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية.

و ثانيا: أنه يكفى في ذلك نجاسة الأم وحدها، فلا يختص بالمتولد منهما.

و ثالثا: أن المضغة أو الجنين ليست جزء من الأم كي تتبعها في النجاسة، بل الام ظرف لها كما في بيضة الدجاجة فنجاستها لا تقتضي نجاسة المظروف. و إنما قلنا بنجاسة المضغة أو الجنين قبل و لوج الروح من جهة صدق الجيفة عليهما بعد الخروج، و إن كان الام طاهرا، و أما قبله فلا موجب للحكم بالنجاسة، كما تقدم ذلك في بحث الميتة «1».

و رابعا: ما أوردناه على الوجه الأول من عدم بقاء الموضوع.

و دعوى: أن و لوج الروح لا يوجب ارتفاعه عرفا، كما أن خروجه لا يوجب ذلك. و لذا لا يحتاج في نجاسة الكلب بعد موته إلى أدلة نجاسة الميتة، و لا يستثني منها ما لا تحله الحياة، كما عن شيخنا الأنصاري «قده» في هذا البحث.

لا يمكن المساعدة عليها، لانه لو سلم تبعيّة الجنين لأمّه في النجاسة بدعوى الجزئية كان ذلك قبل و لوج الروح فيه و أما بعده و بعد استقلاله بالاسم و الحياة فلا يكون جزء لها قطعا، و يتعدد الموضوع بنظر العرف بلا إشكال، فلا يمكن إسراء حكم المضغة، أو الجنين إلى الحيوان.

______________________________
(1) ج 2 من كتابنا ص 410- 413 و ص 425- الطبعة الأولى.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 80‌

بل الأحوط الاجتناب (1) عن المتولد من أحدهما مع طاهر، إذا لم يصدق عليه اسم ذلك الطاهر. فلو نزى كلب على شاة، أو خروف على كلبة، و لم يصدق على المتولد منهما اسم الشاة، فالأحوط الاجتناب عنه، و ان لم يصدق عليه اسم الكلب.

______________________________
الوجه الثالث: ما ذكره «قده» أيضا من دعوى القطع بعدم خروجه عن أحدهما، و أن المباينة لهما صورية. و حينئذ فلا يقدح عدم صدق الاسم، لأنّ الأحكام إنما تدور مدار الأسماء لكشفها عن حقائق المسمّيات لا لأن للتسمية- بمجردها- دخلا في الحكم.

و يدفعه: أن مجرد الاتحاد في الحقيقة لا يكفي في الاتحاد في الحكم بعد اختلاف الصورة النوعيّة، و العبرة في الأحكام بالثاني دون الأوّل. و لذا لا يحكم بنجاسة البخار المستحال من البول مع اتحادهما في الحقيقة و الماهيّة.

الوجه الرابع: ما ذكره أيضا، من أنّه سلّمنا أنّه حقيقة ثالثة، إلا أنّ النجاسة إنما جاءت من تنقيح المناط، إذ لا فرق عند أهل الشرع في النجاسة- و هي القذارة الذّاتية- بين المتولد من كلبين، و بين المتولد من كلب و خنزير، فان كلّ حيوان حكم الشارع بنجاسته عينا كان المفهوم منه عند أهل الشرع سراية النجاسة إلى ولده، و ان لم يصدق عليه عنوانه.

و يدفعه: أنّه إن رجع هذا البيان إلى ما ذكرنا من نجاسة الملفّق منهما بحيث يعد المتولد منهما مركبا من الكلب و الخنزير فهو، و إلّا فلا قطع بالمناط، و عهدة دعواه على مدّعيه.

فتحصل: أنّ الأقوى عدم وجوب الاجتناب عن المتولد منهما إلّا إذا صدق عليه عنوان أحدهما، أو كان في نظر العرف ملفّقا منهما بان كان بعض أجزائه شبيها بالكلب، و بعضها الأخر شبيها بالخنزير.

(1) لو كان أحدهما الام فيمكن الاستناد في النجاسة إلى استصحاب‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 81‌

..........

______________________________
نجاسة المضغة أو الجنين، بدعوى جزئيّتهما للام، فيتبعانها في النجاسة. و لكن عرفت الإشكال فيه آنفا.

و أما لو كان أحدهما الأب فلا يجرى الاستصحاب المذكور. نعم قد يتوهم استصحاب نجاسة المني أو العلقة، و فساده ظاهر.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net