العاشر الفقاع 

الكتاب : فقه الشيعة - كتاب الطهارة ج‌3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7803

فقه الشيعة - كتاب الطهارة؛ ج‌3، ص: 236

[العاشر الفقاع]

______________________________
الفقاع المتخذ من الشعير الفقاع المتخذ من غير الشعير، ماء الشعير.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 237‌

«العاشر» الفقاع (1)

______________________________
(1)
حكم الفقاع يقع الكلام فيه في موردين الأول في حكمه و الثاني في موضوعه.

أما المورد الأول: فالظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب- ممن قال بنجاسة الخمر- في ان حكم الفقاع حكم الخمر في الحرمة و النجاسة هذا مضافا الى دلالة الروايات المستفيضة على ذلك فانّ في بعضها «1»: إطلاق لفظ الخمر عليه، و في بعضها «2»: إنه من الخمر، و في بعضها «3»: هي خمرة استصغرها الناس، و في بعضها «4»: انه خمر مجهول، و‌

______________________________
(1) كما عن ابن فضال قال: «كتبت الى أبى الحسن عليه السّلام أسأله عن الفقاع، فقال:

هو الخمر، و فيه حد شارب الخمر».

و موثقة عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفقاع، فقال: هو خمر».

و عن الوشاء قال: «كتبت إليه يعني الرضا عليه السّلام أسأله عن الفقاع. قال: فكتب:

حرام، و هو خمر.».

و عن محمد بن سنان قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الفقاع، فقال: هي الخمر بعينها».

وسائل الشيعة: الباب 27 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث: 2، 4، 1، 7.

(2) كما عن حسين القلانسي قال: «كتبت الى أبى الحسن الماضي عليه السّلام أسأله عن الفقاع، فقال: لا تقربه فإنه من الخمر». المصدر. الحديث: 6.

(3) كما عن الوشاء- في حديث- و قال أبو الحسن الأخير عليه السّلام: «حده حد شارب الخمر. و قال عليه السّلام: هي خمرة استصغرها الناس». الوسائل: الباب: 28 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث: 1.

(4) كما عن هشام بن الحكم «أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفقاع، فقال: لا تشربه، فإنه خمر مجهول، و إذا أصاب ثوبك فاغسله».

و عن الحسن بن جهم و ابن فضال جميعا، قالا: «سألنا أبا الحسن عليه السّلام عن الفقاع، فقال: هو خمر مجهول، و فيه حد شارب الخمر».

وسائل الشيعة: الباب: 27 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث: 8، 11 و عن سليمان بن جعفر قال: «قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: ما تقول في شرب الفقاع؟ فقال: هو خمر مجهول، يا سليمان، فلا تشربه».

الوسائل: الباب: 28 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث: 2.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 238‌

..........

______________________________
في بعضها الأخر
«1»: انها الخميرة.

و لا فرق في ثبوت الحكمين- الحرمة و النجاسة- له بين ان يكون إطلاق الخمر عليه حقيقيا، أو من باب التنزيل و التشبيه، إذ على الأول يكون مصداقا للخمر حقيقة، و ان كان إسكاره خفيفيا، كما يشعر بذلك ما في بعض الروايات المشار إليها من انها خمر استصغرها الناس، أو أنه خمر مجهول، أو التعبير عنه بالخميرة على وجه التصغير، و ليس ذلك الا لضعف إسكاره حتى ظنوا انه غير مسكر، فالكثير منه يكون مسكرا و ان لم يسكر قليله لقلة المادة المسكرة، اى المادة «الكحولية» فيه، فإنه قد ذكر بعض أهل الخبرة: إن كميّة المادة المسكرة تختلف في المسكرات فما يقال له اليوم:

«العرق» يشتمل على المادة المسكرة بنسبة النصف، و هي في «الخمر» بأقسامه تكون بنسبة الخمس، و في «الفقاع» بنسبته الواحد الى خمسين، فهو أقل المسكرات سكرا، الا ان ذلك لا يخرجه عن كونه مصداقا للخمر.

و أما على الثاني- أعني ما إذا كان إطلاق الخمر على الفقاع من باب التنزيل و التشبيه- فمقتضى الإطلاق ثبوت كلا الحكمين- الحرمة و النجاسة- له ايضا، لعدم الدليل على التخصيص بالحرمة، و يؤيد ذلك ما في رواية هشام بن الحكم «2» من الأمر بغسل الثوب إذا أصابه الفقاع، حيث انه إرشاد إلى‌

______________________________
(1) كرواية زاذان عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال: «لو ان لي سلطانا على أسواق المسلمين لرفعت عنهم هذه الخميرة، يعني الفقاع».

الوسائل: الباب: 27 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث: 9.

(2) المتقدمة في تعليقة ص 237.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 239‌

و هو شراب متخذ من الشعير (1) على وجه مخصوص. و يقال ان فيه سكرا خفيا. و إذا كان متخذا من غير الشعير فلا حرمة و لا نجاسة إلا إذا كان مسكرا.

______________________________
النجاسة. و كيف كان فلا ينبغي التأمل و الاشكال في حكم الفقاع، و يقع الكلام في المورد الثاني، أعني موضوعه، و اليه أشار في المتن بقوله: «و هو شراب متخذ من الشعير على وجه مخصوص.» و يأتي الكلام فيه.

(1) الفقاع من الشعير أو من غيره يقع الكلام في المورد الثاني في حقيقة الفقاع المحرم، و الكلام فيه من جهتين، الاولى في إطلاق الفقاع على المتخذ من غير الشعير- كالأرز، و الذرة، و الزبيب، و التمر، و نحو ذلك و عدمه. الثانية في اعتبار النشيش و الغليان أو الإسكار في حرمته و نجاسته و عدمه.

أما الجهة الأولى فقد اختلفت فيها كلمات الأصحاب، و اللغويين، فقد خصّه بعضهم بالمتخذ من الشعير، كمجمع البحرين. قال: «الفقاع- كرمان- شي‌ء يشرب يتخذ من ماء الشعير فقط، و ليس بمسكر، و لكن ورد النهى عنه.» و عن المدنيات «انه شراب معمول من الشعير.»، و عن السيد المرتضى «قده»: انه نقل عن ابى هاشم الواسطي: «أن الفقاع نبيذ الشعير، فاذا نش فهو خمر.»، و عن غيرهم نحو ذلك.

و عن بعضهم: عدم الاختصاص، كما عن السيد في الانتصار، و الشهيدين، و كاشف الغطاء، و غيرهم، و قد حكى عن بعضهم: ان أهل بلاد الشام يعملونه من الشعير، و من الزبيب، و من الرمان، و من الدبس، و يسمون الجميع فقاعا. و قيل: ان ظاهر هذه العبارة حدوث الاصطلاح في خصوص بلاد الشام، كما هو ليس ببعيد، و بعد هذا الاختلاف لا نتمكن من الوقوف على المعنى الحقيقي، و انه هل هو خصوص المتخذ من ماء الشعير، أو‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 240‌

..........

______________________________
الأعم من ذلك، فلا بد في الخروج عن عموم أصالة الحل و الطهارة من الأخذ بالقدر المتيقن، و هو الأول، كما هو الحال في جميع موارد الدوران بين الأقل و الأكثر في التخصيص، إذ لم يثبت إرادة الأعم في عصر ورود الروايات، فلو أطلق عليه لكان ذلك من الاصطلاح المستحدث في غير زمانهم، و في غير بلادهم. فلا يمكن الاستدلال بعموم أو إطلاق ما دل على حرمة الفقاع و نجاسته- كما توهم- بدعوى ورود النهى عنه معلقا على التسمية. إذ تسمية المتخذ من غير الشعير بالفقاع في غير عصر الروايات، أو في غير بلدهم، لا يجدى في التمسك بالعموم، لانه من الحادث بعد ورود الروايات. نعم لو حصل فيه الإسكار كان حراما و نجسا، لو تم ما استدل به على عموم نجاسة مطلق المسكر. الا انه خروج عما نحن بصدده من إثبات نجاسة مطلق ما يسمى بالفقاع و لو كان متخذا من غير الشعير و لو لم يسكر.

و الحاصل: انه لم يثبت لدينا ان إطلاق الفقاع على المتخذ من الشعير من باب إطلاق الكلي على الفرد، كي يتمسك بالإطلاقات لإثبات الحكم في غير هذا الفرد، لاحتمال اختصاص التسمية به، كما عن جملة من اللغويين و غيرهم، فالمرجع في غيره أصالة الطهارة، و الحل.

الجهة الثانية في اعتبار النشيش، و الغليان، أو الإسكار في المتخذ من الشعير و عدمه. الظاهر اعتبار الأول دون الثاني، بمعنى، انه يعتبر في حرمته و نجاسته النشيش أو الغليان دون الإسكار.

أما الأول فإنه إما لاعتباره في مفهوم الفقاع، فلا يصدق إلا إذا نش و علاه الزبد لما ذكر وجه تسميته من ان الفقاقيع هي نفاخات الماء التي ترتفع عليه، كالقوارير المستديرة، فيكون إطلاق الفقاع عليه قبل ان يصير كذلك مجازا، فلعل حكم الأصحاب بحرمته على وجه الإطلاق يكون من هذه‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 241‌

..........

______________________________
الجهة. و إما ل‍:

صحيحة محمّد بن أبى عمير عن مرازم قال: كان يعمل لأبي الحسن عليه السّلام الفقاع في منزله. قال ابن أبى عمير: و لم يعمل فقاع يغلي» «1».

فإنه أخبر عن انه عليه السّلام كان يشرب الفقاع غير الغالي فتختص الحرمة بغيره.

و أما الثاني أعني عدم اعتبار الإسكار، فلعدم الدليل على اعتباره في حرمته، بل صرح بعضهم: بأنه شراب غير مسكر، كما في مجمع البحرين، و هو ظاهر كلام كل من جعله قسيما للمسكر. نعم ربما يستشعر من الروايات: ان حرمته من جهة إسكاره، لكنه خفي بحيث جهله الناس، و استصغروه. و لم يعدوه من مراتب الإسكار كما أشرنا الى أن المادة المسكرة فيه تكون بنسبة الواحد الى خمسين، فإثبات هذه المرتبة من السكر فيه مما لا نتحاشا عنه «2» و المنفي عنه هو مرتبة الإسكار الخمري الظاهر لكل أحد. و بذلك يجمع بين الكلمات، فإنه يحمل كلام من يقول بعدم اعتباره فيه على المرتبة الشديدة، و من يقول باعتباره على المرتبة الخفيفة.

فتحصل مما ذكرنا: ان الفقاع المحرم و النجس انما هو الشراب المتخذ من الشعير على نحو خاص، إذا حصل فيه النشيش، أو الغليان، و ان لم يكن فيه سكر ظاهر، و أما إذا كان متخذا من غير الشعير فلا حرمة فيه و لا‌

______________________________
(1) وسائل الشيعة: الباب: 39 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث: 1.

(2) ربما يتوهم: ان لازمه حرمة كل ما ثبت له هذه المرتبة من الإسكار و لو كان متخذا من غير الشعير. و يندفع: بأن إطلاق الخمر في الروايات على الفقاع المخصوص- اى المتخذ من الشعير- سواء كان على وجه التشبيه أو الحقيقة لا يستلزم ذلك، أما إذا كان على وجه التشبيه فظاهر، لانه مختص به، و أما إذا كان على وجه الحقيقة، فلاختصاص التنبيه- على كونه فردا للخمر المحرم- بهذا الفقاع الخاص، فلا يشمل غيره، بعد ما كان أهل العرف لا يرونه مصداقا له.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌3، ص: 242‌

[مسألة 4: ماء الشعير الذي يستعمله الأطباء في معالجاتهم]

«مسألة 4»: ماء الشعير الذي يستعمله الأطباء في معالجاتهم ليس من الفقاع، فهو طاهر حلال (1).

______________________________
نجاسة، إلا إذا كان مسكرا.

(1) ماء الشعير لأن الفقاع هو ما يعمل على وجه مخصوص، يعرفه اهله، و أما ما يستعمله الأطباء في معالجاتهم فهو ماء يطبخ فيه الشعير، فيغلي، فيؤخذ ذلك و يشرب، و لا دليل على حرمته و نجاسته.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net