بطلان العبادة بالرّياء وإن تاب بعده - الشكّ في تحقّق الرِّياء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6497


ــ[16]ــ

   وسواء تاب منه أم لا (1)، فالرِّياء في العمل بأي وجه كان مبطل له لقوله تعالى على ما في الأخبار((1)) : «أنا خير شريك ، من عمل لي ولغيري تركته لغيري» (2) هذا ولكن إبطاله إنّما هو إذا كان جزءاً من الداعي على العمل ولو على وجه التبعيّة ، وأمّا إذا لم يكن كذلك بل كان مجرّد خطور في القلب من دون أن يكون جزءاً من الداعي فلا يكون مبطلاً (3) وإذا شكّ حين العمل (4) في أنّ داعيه محض القربة أو مركّب منها ومن الرِّياء فالعمل باطل ((2)) لعدم إحراز الخلوص الذي هو الشرط في الصحّة (5) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   التوبة من الرِّياء

   (1) حيث إن الندم على ما ارتكبه من الرِّياء وعبادته لفقير مثله عند التوجه إلى عظمة الربّ الجليل إنما يوجب إسقاط العقاب ، لأن التائب من ذنب كمن لا ذنب له إلاّ أنه لا يوجب انقلاب الشيء عما وقع عليه فإنه أمر مستحيل ، والمفروض أن العمل قد صدر عن داع ريائي باطل فلا ينقلب إلى الصحّة بتوبته وندمه .

   (2) قدمنا نسخة الوسائل المصحّحة (3) وأن الرواية فيها هكذا : «فهو كمن عمله غيري» .

   (3) وقد عرفت تفصيل الكلام في ذلك في أوّل المسألة فلا نعيد .

    الشكّ في الداعي وأنه الرِّياء أو غيره

   (4) ولم يتعرض لما إذا شك في ذلك بعد العمل ، لوضوحه حيث إنه محكوم بالصحّة حينئذ لقاعدة الفراغ .

   (5) لا يبعد أن يكون المفروض في المسألة مستحيلاً في غير الوسواسي ، وذلك لما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوارد في الأخبار قوله عزّ من قائل : (فهو لمن عمل له ) أو (فهو لمن عمله غيري ) .

(2) هذا الشك يناسب الوسواسي ، وعلى تقدير تحققه في غيره فالحكم بالبطلان ليس على إطلاقه .

(3) في ص 7 .

ــ[17]ــ

مرّ غير مرّة من أن الاُمور النفسانية مما لا واقع لها غير وجودها في النفس ، وعلم النفس بها حضوري وغير حصولي ، وما هذا شأنه كيف يقبل الشك والترديد ؟ وكيف يعقل أن يشك الإنسان في أني قاطع أو لست بقاطع ، أو أني قاصد لأمر الله محضاً أو غير قاصد له ، وقاصد للرياء أو غير قاصد له وهكذا ، فالشك في القصد والداعي أمر غير معقول .

   ثمّ على تقدير معقوليته فالصحيح أن يفصل في المسألة : لأن الشك في أن داعيه هو الرِّياء إن كان من جهة احتماله الرِّياء على الكيفية المتقدّمة في الصورتين الاُوليين اللّتين حكمنا ببطلان العبادة فيهما على طبق القاعدة ، وهما ما إذا أتى بالعبادة بداعي كل من الامتثال والرِّياء من غير أن يكون شيء منهما مستقلاًّ في داعويته وإنما يكون داعياً عند انضمامه إلى الآخر ، وما إذا كان داعي الرِّياء مستقلاًّ في داعويته وكان قصد الامتثال غير مستقل بحيث لا يقتضي إصدار العمل إلاّ إذا ضمّ إلى غيره ، فلو احتمل أن داعيه للعبادة هو مجموع قصد الامتثال والرِّياء أو أنه هو الرِّياء وقصد الامتثال تبعي غير مستقل ، فالأمر حينئذ كما أفاده في المتن ، حيث إن إتيان العبادة بالداعي القربي المستقل في داعويته شرط في صحّتها وهو غير محرز فالعبادة باطلة .

   وأمّا إذا احتمل الرِّياء في غير الصورتين المذكورتين ، كما إذا علم بأن له داعياً قربياً مستقلاًّ في داعويته ويحتمل أن يكون له أيضاً داع آخر ريائي مستقل ، أو على وجه غير الاستقلال ، فلا مجال حينئذ للحكم بالبطلان بوجه ، حيث إنّ شرط صحّة العبادة وهو صدورها عن داع إلهي مستقل محرز عنده ، واحتمال أن يكون هناك داع آخر ريائي يندفع بالأصل لأنه أمر حادث مسبوق بالعدم .

   وبعبارة واضحة : لا يعتبر في صحّة العبادة أن تكون خالصة من غير الداعي الإلهي المستقل ، ومن هنا لو كان الداعي الآخر المستقل أو غير المستقل أمراً آخر غير الرِّياء من قصد التبريد أو غيره لقلنا بصحّة العبادة ، لاشتمالها على شرطها وهو صدورها عن داع قربي مستقل في داعويته . فالخلوص غير معتبر ، وإنما البذرة الفاسدة بل المفسدة هو وجود الداعي الريائي المستقل أو غير المستقل ، وحيث إنها




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net