وضوء المرأة في مكان يراها الأجنبي - اجتماع غايات الوضوء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7918


ــ[43]ــ

   [ 569 ] مسألة 30 : إذا توضأت المرأة في مكان يراها الأجنبي لا يبطل وضوءها ((1)) وإن كان من قصدها ذلك (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نتيجة الرِّياء باعلام الغير بالعمل بعده كما إذا نشر عمله في الصحف والمجلات ، إلاّ أنه لا ينبغي الإشكال في عدم كونه موجباً لبطلان العمل ، لأنه بعد ما وقع مطابقاً للأمر وعلى وجه الصحّة والتمام لم ينقلب عمّا وقع عليه ، نعم هو مناف لكمال العبادة حيث ينبغي أن تصدر من غير شائبة الرِّياء ولو متأخراً عن العمل ، بمعنى أن العبادة الراقية بحسب الحدوث والبقاء سواء ، فكما أنها بحسب الحدوث لا بدّ أن لا تقترن بالرِّياء فكذلك بقاء بالمعنى المتقدِّم آنفاً حسبما يستفاد من الروايات ، وذلك لأ نّا استفدنا من الأخبار أنّ الله يحبّ العبادة سرّاً في غير الفرائض ، حيث لا مانع من أن يؤتى بها جهراً بمرأى من الناس وحضورهم ، لما ورد في أنها الفارقة بين الكفر والإسلام . وأما غيرها فالأحب منها ما يقع في السر ، فإعلانها لا يبعد أن يكون موجباً لقلّة ثوابها بل لإذهابه وإحباطه ، وعلى هذا يحمل ما ورد من أنه «يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فكتبت له سرّاً ، ثمّ يذكرها فتمحى فتكتب له علانية ، ثمّ يذكرها فتمحى وتكتب له رياء» (2) ولا يمكن الأخذ بظاهرها من الحكم ببطلان العبادة السابقة بذكرها بعد ذلك لما عرفت ، نعم لا مانع من الالتزام بمحو كتابة السرّ وكتابة العلانية . على أنها مرسلة ولا يمكن الاعتماد عليها في شيء ولو قلنا بانجبار ضعف الرواية بعمل المشهور على طبقها ، لعدم عملهم على طبق المرسلة كما هو ظاهر .

    توضّؤ المرأة في موضع يراها الأجنبي

   (1) وذلك لأن الوضوء عبارة عن الغسلتين والمسحتين ، وهو ليس مقدّمة لرؤية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لكن إذا انحصر مكان الوضوء به تعين التيمم في مكان لا يراها الأجنبي ، نعم إذا توضأت والحال هذه صحّ وضوءها .

(2) المروية في الوسائل 1 : 75 / أبواب مقدّمة العبادات ب 14 ح 2 .

ــ[44]ــ

   [ 570 ] مسألة 31 : لا إشكال في إمكان اجتماع الغايات المتعدِّدة للوضوء ، كما إذا كان بعد الوقت وعليه القضاء أيضاً وكان ناذراً لمس المصـحف وأراد قراءة القرآن وزيارة المشاهد ، كما لا إشكال في أنه إذا نوى الجميع وتوضأ وضوءاً واحداً لها كفى وحصل امتثال الأمر بالنسبة إلى الجميع (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأجنبي حتى يدخل بذلك في الكبرى المتقدّمة ، أعني المقدّمة التي قصد بها التوصل إلى الحرام ، حيث يجب على المرأة أن تتحفظ على نفسها ولا تري وجهها أو يديها أو غيرهما من أعضائها إلى الرجال الأجانب ، بل المقدّمة هي وقوفها في هذا المكان . وعليه فوضوءها محكوم بالصحّة لا محالة ، نعم إذا انحصر المكان بما إذا أرادت أن تتوضأ فيه وقع عليها نظر الأجنبي فلا إشكال في تبدّل وظيفتها إلى التيمّم ، لعدم أمرها بالوضوء وقتئذ ، لأنه يستلزم الحرام فيجب عليها التيمم لا محالة ، إلاّ أنها إذا عصت وتركت التيمّم وتوضّأت في ذلك المكان أمكن الحكم بصحّة وضوئها أيضاً بالترتّب على ما مرّ الكلام عليه في بعض الأبحاث المتقدِّمة (1) .

    نيّة جميع الغايات المترتبة على الوضوء

   (1) إذا نوى جميع الغايات المترتبة على الوضوء ، فقد تكون كل واحدة من تلك الغايات داعية مستقلّة نحو الوضوء بحيث لو كانت وحدها لأتى المكلّف لأجلها بالوضوء ، ولا إشكال حينئذ في أنه يقع امتثالاً للجميع .

   واُخرى لا تكون كل واحدة منها داعياً باستقلاله ، بل الداعي المستقل إحداها المعيّنة وغيرها تبع ، فحينئذ يقع الوضوء امتثالاً لهذه الغاية المعيّنة لا لغيرها وإن جاز أن يأتي بسائر الغايات المتوقفة على الطّهارة لوضوئه ذلك أيضاً ، لعدم مدخلية قصد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم ذلك عند التكلّم على التوضّؤ من الماء الموجود في أواني الذهب والفضة أو الآنية المغصوبة مع فرض الانحصار فليلاحظ شرح العروة  4 : 302 ، 265 .

ــ[45]ــ

تلك الغايات في صحّته .

   وثالثة يكون كل واحدة من الغايات جزءاً من الداعي للوضوء ، بحيث لا استقلال في الداعوية لشيء منها في نفسها ، وإنما الداعي له هو مجموع هذه الغايات الواجبة أو المستحبّة على نحو الاجتماع ، فهل يقع الوضوء حينئذ امتثالاً للجميع في نفسها ؟ قد يستشكل في ذلك نظراً إلى أن مجموع هذه الغايات المتكثرة ليس متعلقاً للأمر بالوضوء ، إذ لا وجود خارجي له حقيقة وإنما هو أمر ينتزع عن وجود كل واحدة منها في الخارج ، وحيث إن الأمر المتعلق بكل واحدة منها بالخصوص لم يكن داعياً للمكلف على الفرض لأنه لم يأت بالوضوء بداعي التوصل إلى غاية معيّنة ، فلم يأت به المكلّف بداعي الأمر الشرعي المتعلق به ومعه لا مناص من الحكم ببطلانه .

   إلاّ أن الصحيح أن الوضوء في مفروض المسألة يقع امتثالاً للجميع ، وذلك لأن عبادية الوضوء غير ناشئة عن الأمر الغيري المتعلق به ولا من جهة قصد شيء من غاياته ، بل إنما عباديته تنشأ عن الأمر النفسي المترتب عليه نظير بقيّة العبادات فهو عبادة وقعت مقدّمة لعبادة اُخرى ، وعليه فلا يعتبر في صحّته قصد أمره الغيري ولا قصد شيء من غاياته ، نعم لا يعتبر في صحّته أيضاً أن يؤتى به بقصد الأمر النفسي المتعلق به ، بل إن أكثر العوام لا يلتفت إلى أن له أمراً نفسياً بوجه ، بل يقع صحيحاً فيما إذا أتى به مضافاً إلى الله سبحانه نحو إضافة ، وهذا يتحقق بقصد التوصل به إلى شيء من غاياته ، لأنه أيضاً نحو إضافة له إلى الله سبحانه ، فعلى هذا إذا أتى بالوضوء بداعي مجموع غاياته حكم بصحّته ، لأنه أتى بذات العمـل وأضافه إلى الله تعالى حيث قصد به التوصل إلى مجموع الغايات المترتبة عليه وهو نحو إضافة له إلى الله فلا محالة يحكم بصحّته .

   ولا يقاس المقـام بالضمائم الراجحة ، حيث قدّمنا أنّ العبادة إذا صدرت بداعي مجموع الأمر الإلهي والضميمة الراجحة ولم يكن كل واحد منهما أو خصوص الأمر الإلهي داعياً مستقلاًّ في دعوته وقعت باطلة ، من جهة عدم صدورها عن الداعي




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net