وجوب الوضوء مع التضرّر بالغَسل الزائد على المسمّى 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5999


ــ[59]ــ

   [ 573 ] مسألة 34 : إذا كان استعمال الماء بأقل ما يجزئ من الغسل غير مضر واستعمال الأزيد مضراً يجب عليه الوضوء كذلك ، ولو زاد عليه بطل ((1)) (1) إلاّ أن يكون استعمال الزيادة بعد تحقّق الغسل بأقل المجزئ ، وإذا زاد عليه جهلاً  أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لشدّة التضاد بين الحرمة والوجوب ، وحيث إن للوضوء في المقام عنوانين فلا مانع من أن يحكم باستحبابه بعنوان وبوجوبه بعنوان آخر .

   هذا ولكنك قد عرفت سابقاً أن المقدّمة لا تتصف بالأمر الغيري بوجه ، ثمّ على تقدير التنزل فالواجب إنما هو حصّة خاصّة وهي التي تقع في سلسلة علّة ذي المقدّمة أعني المقدّمة الموصلة ، ثمّ على تقدير الالتزام بوجوب مطلق المقدّمة لا يمكن المساعدة على إدراج المقام في كبرى مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي ، وذلك لأنه يعتبر في تلك المسألة أن يكون العنوانان والجهتان من العناوين التقييدية ، بأن يكون مركز اجتماعهما أمران وموجودان مستقلان وكان التركب منهما تركباً انضمامياً ، فقد قال بعضهم فيه بالجواز ، واختار آخر الامتناع ، وأما إذا كانت الجهة أو العنوان تعليلية وواسطة في الثبوت وكان المتعلق شيئاً واحداً والتركب اتحادياً فهو خارج عن تلك المسألة رأساً لاستحالة اجتماع حكمين متنافيين في مورد ولو بعلتين .

   وحيث إن المقام من هذا القبيل ، لأن الأمر الغيري من الوجوب والاستحباب إنما يتعلق بذات المقدّمة ، وعنوان المقدمية عنوان تعليلي ومن الواسطة في الثبوت فيقال إن الوضوء واجب لأنه مقدّمة للواجب ، وأنه مستحب لأنه مقدّمة للمستحب فلا محالة كان خارجاً عن كبرى مسألة الاجتماع ، ولا مناص في مثله من الالتزام بالاندكاك أعني اندكاك الاستحباب في الوجوب والحكم بوجوب الوضوء فحسب ، ولا مجال للحكم باستحبابه ووجوبه معا .

    استعمال الماء بأزيد ممّا يجزئ عند الضرر

   (1) في هذه المسألة عدّة فروع :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في إطلاقه نظر كما مر .

ــ[60]ــ

نسياناً لم يبطل ((1)) بخلاف ما لو كان أصل الاستعمال مضرّاً وتوضأ جهلاً  أو نسياناً فإنّه يمكن الحكم ببطلانه ((2)) (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   منها : أن استعمال الماء زائداً على أقل ما يجزئ من الغسل في الوضوء إذا كان مضراً في حق المكلّف ، وقد توضأ على نحو تعدّد الوجود بأن غسل كلاً من مواضع الوضوء أوّلاً بأقل ما يجزئ في غسله ، وبعده صب عليه الماء زائداً وهو الذي فرضناه مضرّاً في حقِّه فلا إشكال في صحّة وضوئه ، لأن الاستعمال المضر إنما هو خارج عن المأمور  به فلا يكون موجباً لبطلانه ، بلا فرق في ذلك بين علمه وجهله ونسيانه .

   ومنها : ما إذا توضأ والحال هذه على نحو وحدة الوجود ، بأن صبّ الماء مرّة واحدة زائداً على أقل ما يجزئ في وضوئه ، والحكم ببطلان الوضوء في هذه الصورة يبتني على القول بحرمة الإضرار بالنفس مطلقاً ، لأنه حينئذ محرم ومبغوض للشارع والمبغوض لا يمكن أن يكون مصداقاً للواجب ومقرباً للمولى بوجه . وأما إذا أنكرنا حرمته على وجه الإطلاق وإن كان بعض مراتبه محرماً بلا كلام فلا يبقى موجب للحكم ببطلان الوضوء ، لأنه مأمور بالوضوء على الفرض لتمكّنه من الوضوء بأقل ما يجزئ وهو غير مضر في حقه ، فإذا لم يكن الفرد محرماً فلا محالة تنطبق عليه الطبيعة المأمور  بها ويكون الإتيان به مجزئاً في مقام الامتثال ، بلا فرق حينئذ بين علمه بالضرر وبين جهله ونسيانه .

   ومنها : ما إذا توضأ بصب الماء مرّة واحدة زائداً على أقل ما يجزئ في غسله ومع فرض الضرر من القسم المحرّم أو مع البناء على حرمة مطلق الإضرار ، ولا بدّ من التفصيل حينئذ بين صورة العلم بالضرر وصورة نسيانه .

   (1) أمّا إذا  كان عالماً بالحال فلا إشكال في الحكم ببطلان ذلك الوضوء ، لأنه محرم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر عدم الفارق بين صورتي الجهل والعلم .

(2) لا يمكن ذلك في فرض النسيان ، ويختص البطلان في فرض الجهل بما إذا كان الضرر مما يحرم إيجاده .

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net