إذا كان مأموراً بالوضوء للجهل بالحالة السابقة فنسيه وصلّى 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6407


ــ[82]ــ

   [ 577 ] مسألة 38 : من كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث (1) إذا نسي وصلّى فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر ، فيجب عليه الإعادة إن تذكر في الوقت والقضاء إن تذكر بعد الوقت ، وأما إذا كان مأموراً به من جهة الجهل بالحالة السابقة فنسيه وصلّى يمكن أن يُقال ((1)) بصحّة صلاته من باب قاعدة الفراغ ، لكنه مشكل فالأحوط الإعادة أو القضاء في هذه الصورة أيضاً . وكذا الحال إذا كان من جهة تعاقب الحالتين والشك في المتقدّم منهما (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    المأمور بالوضوء إذا  نسيه وصلّى

   (1) بأن علم بحدثه سابقاً ثمّ شك في بقائه فحكم عليه بالحدث ووجوب الوضوء بالاستصحاب ، إلاّ أنه نسي أو غفل فدخل في الصلاة ثمّ بعد الصلاة التفت إلى أنه كان يشك في بقاء حدثه المتيقن قبل الصلاة وقد حكم عليه بالحدث ووجوب الوضوء بالاستصحاب قبل الصلاة . وهذه الصورة لم يتأمل فيها الماتن في الحكم ببطلان الصلاة فيه ووجوب الإعادة أوالقضاء .

   (2) الأمر بالوضوء من جهة الجهل بالحالة السابقة ـ أي من غير جهة الاستصحاب ـ له موردان :

   أحدهما : صورة تعاقب الحالتين ، لأن من علم بحدث ووضوء فشك في حدثه أو طهارته من جهة الجهل بالمتقدّم والمتأخر منهما يحكم عليه بوجوب الوضوء بقاعدة الاشتغال دون الاستصحاب ، للجهل بالحالة السابقة .

   وثانيهما : ما إذا علم بحدثه أوّل الصبح مثلاً ثمّ علم إجمالاً بأنه إما توضأ أو ترك ركوعاً في صلاته الواجبة ـ بأن كان كلا طرفي العلم ذا أثر ملزم ـ فإنه بعد ذلك يشك طبعاً في حدثه وطهارته ويحكم عليه بوجوب الوضوء أيضاً بقاعدة الاشتغال دون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لكنّه خلاف التحقيق فيه وفيما بعده .

ــ[83]ــ

الاستصحاب للجهل بحالته السابقة ، حيث إن الاستصحاب لا يجري في حدثه المعلوم في أوّل الصبح لعدم جريانه في أطراف العلم الإجمالي ، ولا في طهارته للجهل بحالته السابقة . فلا تنحصر صورة وجوب الوضوء مع الجهل بالحالة السابقة بمورد تعاقب الحالتين .

   بل لو فرضنا الكلام في الغسل لوجدنا له مورداً ثالثاً أيضاً ، وهو ما إذا علم بحدثه الأصغر تفصيلاً ثمّ علم إجمالاً بأنه إما توضأ وإما جامع ، فحصل له العلم التفصيلي بارتفاع حدثه الأصغر إما بالوضوء وإما بالجـنابة ووجب عليه الغسل بقاعدة الاشتغال ، فإنه إذا شك في طهارته حينئذ لا يجري في حقه الاستصحاب للجهل بحالته السابقة وأنها هي الوضوء أو الجماع ، فالجامع في جميع الموارد هو الجهل بالحالة السابقة والحكم بالوضوء بقاعدة الاشتغال فهناك صورتان للبحث :

   إحداهما : ما إذا حكم عليه بالوضوء بالاستصحاب للعلم بالحالة السابقة وهي الحدث إلاّ أنه نسي أو غفل فصلّى والتفت بعد الصلاة إلى حدثه الاستصحابي قبلها فقد عرفت أن الماتن لم يتأمل فيها في الحكم بوجوب الإعادة أو القضاء .

   وثانيتهما : ما إذا حكم عليه بالوضوء بقاعدة الاشتغال للجهل بالحالة السابقة ولكنه غفل أو نسي فدخل في الصلاة ثمّ بعدها التفت إلى أنه كان محكوماً عليه بالوضوء بقاعدة الاشتغال ، فقد ذكر الماتن في هذه الصورة أنه يمكن أن يقال بصحّة صلاته بقاعدة الفراغ ، لكنّه مشكل فالأحوط الإعادة أو القضاء في هذه الصورة أيضاً .

   فالكلام في أنه في الصورة الثانية هل تجب عليه الإعادة أو القضاء أو يحكم بصحّة صلاته بقاعدة الفراغ. ولا بدّ في توضيح ذلك من ملاحظة أن حكمهم بوجوب الإعادة أو القضاء في الصورة الاُولى بأي ملاك ، فلقد ذكروا أن الوجه في وجوبها حينئذ أن قاعدة الفراغ إنما تكون حاكمة على الاستصحاب الجاري بعد العمل لأنها واردة في مورده دائماً أو غالباً ، إلاّ أنها غير حاكمة على الاستصحاب الجاري قبل

ــ[84]ــ

العمل بل الاستصحاب حاكم على القاعدة ، لأنه إذا جرى قبل العمل وحكم الشارع على المكلّف بالحدث فلا يبقى شك في بطلان الصلاة والحال هذه حتى تجري قاعدة الفراغ في صحّتها بعد إتمامها ، فالاستصحاب الجاري قبل العمل رافع لموضوع قاعدة الفراغ بعد العمل وهو الشك ، ومن ثمّ إذا علم المكلّف بحدثه قبل الصلاة ثمّ شك في بقائه وجرى الاستصحاب في حقه وحكم الشارع عليه بالحدث ووجوب الوضوء ولكنه نسي أو غفل فدخل في الصلاة والتفت إلى شكّه السابق بعدها يكون الاستصحاب الجاري في حقه قبلها معدماً ورافعاً لموضوع القاعدة تعبداً ، فلا يبقى شك في صحّتها حتى يحكم بصحّتها بقاعدة الفراغ .

   فلو كان هذا هو الملاك في الحكم بوجوب الإعادة والقضاء في الصورة الاُولى أعني ما إذا حكم بالوضوء في حقه من قبل الاستصحاب إلاّ أنه نسي ودخل في الصلاة ، فمن الظاهر أنه لا يأتي في الصورة الثانية أعني ما إذا حكم عليه بالوضوء بقاعدة الاشتغال لا بالاستصحاب لجهالة الحالة السابقة ، فلو نسيه أو غفل ودخل في الصلاة والتفت إلى شكّه وحكمه السابق بعد الصلاة تجري في حقه قاعدة الفراغ ، لأن الشارع لم يحكم عليه بالحدث ووجوب الوضوء في أي وقت ، وإنما حكمنا عليه بالوضوء قبل الصلاة بقاعدة الاشتغال ، ومع عدم الحكم شرعاً بحدثه ووجوب الوضوء لا مانع من جريان القاعدة بعد العمل ، لوجود موضوعها وهو الشك وجداناً ولا رافع له بوجه فيحكم بها بصحّة الصلاة ، فلا يجب إعادتها فضلاً عن قضائها .

   إلاّ أنا ذكرنا قريباً في بحث الاستصحاب أن الاستصحاب لا مجال له في الصورة الاُولى ، لأنه متقوم بموضوعه وهو اليقين والشك الفعليان ، ومع الغفلة والنسيان لا يقين ولا شك ، وارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه من البديهيات فلا مورد للاستصحاب حينئذ ، فعدم جريان قاعدة الفراغ غير مستند إلى الاستصحاب الجاري في حقه قبل الصلاة حيث لا استصحاب ، فلا مانع عن القاعدة من هذه الجهة .

   نعم لا تجري القاعدة أيضاً من جهة أن الظاهر المستفاد من أخبارها اختصاص

ــ[85]ــ

   [ 578 ] مسألة 39 : إذا كان متوضئاً وتوضأ للتجديد وصلّى ثمّ تيقن بطلان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريانها بما إذا كان الشك في صحّة العمل وفساده حادثاً بعد العمل ، والأمر في المقام ليس كذلك ، لأنه كان شاكاً في وضوئه وصحّة صلاته والحال هذه قبل الصلاة ، وإنما غفل عنه ثمّ عاد بعد العمل ، نعم هو مغاير مع الشك الزائل بالغفلة عقلاً ، لأن المعدوم والزائل غير الفرد الحادث بعد العمل وإنما هما متماثلان ولكنه هو هو بعينه بالنظر العرفي ، ومن هنا يقال إنه عاد ، فكأن الشك قد خفي في خزانته ثمّ برز بعد العمل ، فإذا كان الشك بعد العمل هو بعينه الشك قبله لا تجري فيه قاعدة الفراغ(1) هذا .

   على أنا ذكرنا في بحث قاعدة الفراغ أن القاعدة إنما تجري فيما إذا شك بعد العمل في كيفيته ، وأنه أتى به ملتفتاً إلى شرائطه وأجزائه ومراعياً لهما أو أتى به فاقداً لبعض ما يعتبر فيه ، وأما إذا علم بغفلته حال العمل وعدم مراعاته الشروط والأجزاء وإنما يحتمل انطباق المأمور  به عليه من باب الصِّدفة والاتفاق فهو ليس بمورد للقاعـدة لعدم كونه أذكر حال العمل منه حين يشك ، ولا كان أقرب إلى الحق منه بعده، وهو الذي عبرنا عنه بانحفاظ صورة العمل(2) تبعاً لشيخنا الاُستاذ (قدس سره)(3) وعليه فالقاعدة لا مجال لها كما أن الاستصحاب لا يجري .

   فانحصر الحكم ببطلان الصلاة ووجوب الإعادة والقضاء في الصورة الاُولى بقاعدة الاشتغال وعدم إحراز الامتثال باتيان الوظيفة في وقتها فتجب عليه الإعادة والقضاء ، إذن لا فرق بين الصورة الاُولى والثانية في وجوب الإعادة والقضاء ، فإنه في كلتا الصورتين بملاك واحد وهو كونه مأموراً بالامتثال بقاعدة الاشتغال ، ولم يحرز إتيانه بالوظيفة في وقتها فيجب عليه إعادتها في الوقت أو قضاؤها خارجه ، لعدم إتيانه بالوظيفة في وقتها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 93 .

(2) مصباح الاُصول 3 : 309 .

(3) فوائد الاُصول 4 : 651 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net